بلاغ..المنظمة المغربية لحماية المال العام تستنكر تصريحات وزير العدل بشأن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.

مع الحدث إبراهيم أفندي

أصدر مكتب المنظمة المغربية لحماية المال العام بلاغا للرأي العام بعد اجتماعه يوم أمس الجمعة 14 مارس 2025 بالرباط، استنكر تصريحات وزير العدل بشأن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية حيث نددت المنظمة بالمواقف اللامسؤولة لوزير العدل كما عبرت عن رفضها لتغييب المقاربة التشاركية في إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية.

نص البلاغ :

تابعت المنظمة المغربية لحماية المال العام، ومعها الرأي العام الوطني المهتم بالشأن العام، بقلق بالغ واستنكار شديد التصريحات الصادرة عن وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، خلال مداخلته في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، بشأن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.

وقد حملت هذه التصريحات رفضًا قاطعًا لأي تعديل على هذه المادة، التي ترمي بشكل واضح إلى تقييد دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، والحد من صلاحيات النيابة العامة في تحريك المتابعات ضد المتورطين في نهب المال العام.

كما عبّر الوزير عن دعمه لمنح الامتياز القضائي لرؤساء الجماعات الترابية تحت ذريعة “إعادة الهيبة للعمل السياسي”، في خطوة تكرّس منطق الإفلات من العقاب، وفق ما نقلته وسائل الإعلام.

إن هذه التصريحات غير المسؤولة والمناهضة لمبادئ الشفافية والمحاسبة، تنمّ عن محاولة ممنهجة لتقويض أدوار المجتمع المدني وتفريغ الدستور من مضامينه وغاياته المثلى. كما تعكس إرادة واضحة لحماية مصالح فئة معينة من المنتخبين، وخاصة المحسوبين على الحزب الذي ينتمي إليه الوزير، في سياق يُثير الشبهات حول توظيف السلطة وامتيازاتها لخدمة أجندات انتخابية ضيقة تحضيرًا لاستحقاقات 2026.

وانطلاقًا من مبادئها الراسخة في الدفاع عن المال العام ومناهضة الفساد، وبعد اجتماع المكتب التنفيذي يوم 14 مارس 2025، تعلن المنظمة المغربية لحماية المال العام للرأي العام الوطني ما يلي:

أولا: تنديدها بالمواقف اللامسؤولة لوزير العدل، المدعوم من رئيس فريق حزبه بالبرلمان، التي تتوخى ترهيب المجتمع المدني وتقويض دوره الدستوري في محاربة الفساد. وتؤكد أن هذه التصريحات المرفوضة تشكل خرقًا سافرًا للفصلين 70 و71 من الدستور، وتكشف عن مخطط لإفراغ آليات المحاسبة من محتواها وتعزيز الحماية لناهبي المال العام.

ثانيا: رفضها القاطع لتغييب المقاربة التشاركية في إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للفصل 12 من الدستور. إن هذا الإقصاء المتعمد يهدف إلى فرض توجهات تشريعية تخدم لوبيات الفساد وتجهض التراكمات الإيجابية التي حققها المغرب في مجالات الشفافية والحكامة.

ثالثا: تأكيدها على أن الديمقراطية التشاركية ليست مجرد شعار بل هي التزام دستوري، ينص عليه الفصل 1 من الدستور، يُوجب على وزارة العدل احترامه والانخراط في حوار حقيقي مع مكونات المجتمع المدني بعيدًا عن أي إقصاء أو انتقائية مفضوحة.

رابعا: تشديدها على أن المجتمع المدني شريك أساسي في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وفق ما يخوله الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وأي محاولة لتقويض هذا الدور تعتبر انتكاسة تشريعية ومؤسساتية تمس بمكانة المغرب والتزاماته الدولية.

خامسا: رفضها المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغتها الحالية، لأنها تتعارض بشكل صارخ مع الفصول 12، 13، 14، و15 من الدستور، التي تنص على دور المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية التشاركية، كما تشكل خرقًا واضحًا لبنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي التزم بها المغرب.

سادسا: تعبر عن استغرابها الشديد وقلقها البالغ إزاء بعض التصريحات الصادرة عن وزير العدل، والتي أدلى بها في أكثر من مناسبة رسمية وإعلامية. إذ إن هذه التصريحات، في جزء منها، تتضمن ألفاظًا ومفاهيم تحمل دلالات قد تُفهم على أنها مساس بثوابت الدولة ومؤسساتها الدستورية، كما أنها تتجاوز المسؤولية الوزارية المنوطة به، التي تفرض التحلي بقدر عالٍ من الاتزان والحرص على احترام المبادئ الدستورية والخطاب الرسمي للدولة. وإن صدور مثل هذه التصريحات من عضو في السلطة التنفيذية، من المفترض أن يكون حريصًا على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام الحكومة بقواعد الخطاب المسؤول الذي يحترم المقومات الأساسية للدولة ويحافظ على هيبة المؤسسات الدستورية.

وفي الختام، تؤكد المنظمة المغربية لحماية المال العام أنها لن تتوانى في الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي في مجال المحاسبة والشفافية، وستتصدى بكل الوسائل القانونية لكل محاولة تهدف إلى شرعنة الفساد وحماية المتورطين فيه. كما تدين بشدة هذه المناورة التشريعية التي يقودها وزير العدل، وتعتبرها عدوانًا خطيرًا على استقلال السلطة التشريعية والقضائية ومحاولة لترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب.

وإذ نحذر من العواقب الوخيمة لهذه السياسات، فإننا ندعو كافة القوى الحية والديمقراطية إلى توحيد الصفوف لمواجهة هذا الانحراف التشريعي الخطير، والتصدي لكل محاولات تطويع القانون لخدمة المصالح الضيقة، دفاعًا عن دولة الحق والقانون.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)