الكراسي الفارغة في مولاي رشيد… عنوان لفشل ثقافي مزمن

بقلم: ياسين برعيش

مرت الأيام الثقافية والبيئية الأخيرة بمقاطعة مولاي رشيد، ومرت معها الكثير من الأسئلة العالقة، والغضب الصامت، والخيبات المتكررة. فعاليات أراد لها المنظمون أن تكون احتفالية، اجتماعية، تنموية، لكنها تحوّلت إلى مجرد واجهة انتخابية باردة، لا لون لها ولا جمهور.

ميزانية هذا البرنامج بالمجمع قد تبلغ 173 ألف درهم تقريبا، لكنها لم تُثمر سوى كراسي فارغة، وفقرة هنا أو هناك حضرت فيها المجاملة وغاب عنها الإبداع الشكل و المضمون . وحتى الوعود التي طُرحت في لقاءات سابقة – بخصوص إشراك الجمعيات بوضوح وتسهيل المساطر – ذهبت مع الريح، لتحل محلها جمعيات “مقرّبة”، تُكرر نفسها، وتعيد إنتاج نفس الرداءة تحت أعين مجلس غائب، ومواطن مغيب.

في المقابل، نُسجل بكثير من التقدير أن جمعيات أخرى بنفس المنطقة، وبميزانيات لا تتجاوز 15 ألف درهم، قدّمت أنشطة أقرب إلى مفهوم الثقافة الحقيقية، لأن خلفها شباب يحملون كفاءة، ويمارسون الفعل الثقافي لا التجارة الانتخابية.

المثير فعلاً هو الأرقام. تعويضات هزيلة لفنانين شباب اجتهدوا رغم قلة الإمكانيات، ديكورات باهتة، غياب لأي رؤية بصرية، وأهم من ذلك كله، غموض يلف طريقة صرف الدعم: هل هناك دفاتر تحملات؟ هل تم التحويل عبر القنوات الرسمية؟ أين هو الإطار القانوني؟ أسئلة تطرح نفسها بإلحاح في كل موسم، بلا أجوبة.

أما الشق البيئي، فكان مجرّد حملة تنظيف محدودة شاركت فيها شركة النظافة المعتادة، لتُلتقط صور روتينية وتُنشر في صفحات التواصل، دون أثر ميداني، ولا إشراك فعلي للساكنة أو المدارس أو الجمعيات البيئية الحقيقية.

الأيام الثقافية، في الأصل، فرصة لخلق حركية مجتمعية حقيقية. لكن حين يغيب التخطيط، ويطغى الارتجال، وتُستغل المواعيد الثقافية لمحاباة هذا أو ذاك، فلن يكون المشهد إلا كما عايناه: كراسي فارغة، وساكنة غائبة، وموسم آخر يُضاف إلى أرشيف الإحباط.

آن الأوان لمراجعة جذرية، تنطلق من احترام المال العام، وتُعيد الثقافة إلى أهلها الحقيقيين.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)