انتهاك بيئي خطير في غابة تالكجونت بإقليم تارودانت: رمي بقايا الزلزال يهدد أشجار الأركان

متابعة فيصل باغا 

شهدت غابة تالكجونت الواقعة في إقليم تارودانت مؤخرًا حادثة بيئية مقلقة تمثلت في رمي كميات كبيرة من الأتربة والنفايات الناتجة عن الزلزال الذي ضرب المنطقة، وسط أشجار الأركان التي تعتبر من أبرز رموز التراث الطبيعي المغربي والعالمي. هذه الممارسات تشكل تهديدًا مباشرًا للنظام البيئي الهش للغابة، وتؤثر سلبًا على خصوبة التربة وتجدد الغطاء النباتي، إلى جانب تعريضها لخطر الحرائق وتشويه المنظر الطبيعي الذي يعتمد عليه السكان المحليون في معيشتهم وفي أنشطة سياحية وفلاحية.

يأتي هذا الانتهاك في مخالفة صريحة للقوانين المغربية التي تحمي الغابات والبيئة. ينص القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات على منع رمي أو دفن أو حرق أو التخلص من النفايات في أماكن غير مرخصة، ويعاقب المخالفين بغرامات مالية قد تصل إلى 100,000 درهم، مع عقوبات سجنية من شهر إلى ستة أشهر في بعض الحالات. كما يجرم مشروع القانون الجديد الخاص بالغابات إلقاء أي مواد تضر بالغابة، بما فيها نفايات الهدم والردم الناتجة عن الكوارث، ويعاقب عليها بغرامات من 10,000 إلى 15,000 درهم مع إمكانية السجن وإلزام المخالفين بإصلاح الضرر الذي تسببوا فيه. إضافة إلى ذلك، يحمي القانون 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة الوسط البيئي من كل الممارسات التي تؤدي إلى تلوثه أو تشويهه، ويضع آليات لإزالة النفايات وتعويض الأضرار.

تعتبر أشجار الأركان في غابة تالكجونت من الموارد الطبيعية ذات الأهمية الكبيرة، فهي محمية بموجب قوانين وطنية واتفاقيات دولية، وتم تصنيفها من طرف منظمة اليونسكو كتراث طبيعي عالمي. هذا التصنيف يعكس قيمة الأركان البيئية والاقتصادية والاجتماعية، إذ يعتمد عليها سكان المنطقة في استخراج زيت الأركان وتوفير فرص عمل للنساء في التعاونيات المحلية. ردم النفايات في هذه الغابة يهدد هذه القيمة ويعرضها للتدهور البيئي الذي قد يمتد ليطال الموارد الاقتصادية للسكان المحليين.

في ظل هذه المخاطر، يدعو المجتمع المدني والفاعلون البيئيون السلطات المحلية والإقليمية بتارودانت، والجهات المختصة كمديرية المياه والغابات والشرطة البيئية، إلى فتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإزالة النفايات، وإعادة الغابة إلى حالتها الطبيعية، مع مراقبة مستمرة لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات. كما يُحث السكان المحليون وكل المهتمين على البيئة إلى الإبلاغ عن أي مخالفات مماثلة للمساهمة في حماية الثروات الطبيعية.

في النهاية، تبقى غابة تالكجونت وأشجار الأركان مسؤولية جماعية، لا يمكن التساهل معها. حماية هذه الثروة الطبيعية والحفاظ عليها من التلوث والتدهور يجب أن تكون أولوية وطنية تعكس احترامنا للبيئة وتراثنا. لا يجب أن تتحول غاباتنا إلى مطامر للنفايات، بل إلى فضاءات للحياة والتوازن البيئي والازدهار المستدام.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)