سيدي بنور… مدينة النور التي سرقتها السرقة

متابعة سيداتي بيدا 

قم من مرقدك يا أبا النور، وتأمل كيف غيّر الزمن ملامح مدينة كانت يومًا منارة للإشعاع الروحي والعلمي في دكالة. المدينة التي قصدها الناس طلبًا للعلم والبركة، وكانت موئلًا للسكينة والطمأنينة، تحولت اليوم إلى ساحة مفتوحة للسرقة والقلق اليومي. نعم، لقد تفشت جرائم السرقة في أغلب الشوارع والأزقة، حتى صار المواطن يغادر منزله وهو في حالة تأهب قصوى، وكأنه يدخل مباراة مصيرية عنوانها: «كيف تعود إلى البيت بسلام ومعك أغراضك؟».

النساء اضطررن إلى تعديل عاداتهن: هاتف في البيت أكثر أمانًا من هاتف في الشارع، وسماعات بلوتوث بدل الهاتف المباشر، في مشهد أشبه بتدريب على «البقاء وسط الغابة». أما المواطن العادي فقد صار يمشي بخطوات حذرة، يلتفت يمينًا ويسارًا، يراقب الأمام والخلف، وكأنه يعيش مشهدًا من فيلم تشويق ينقصه فقط المؤثر الموسيقي ليكتمل الإخراج.

المفارقة أن المدينة ما زالت تحمل اسم سيدي بنور، غير أن النور غاب عنها، والسكينة أضحت ذكرى من الماضي. اليوم، معظم الشوارع تروي قصة سرقة جديدة، ومعظم البيوت تحتفظ بحكاية خوف يومي.

وهنا لا بد من قول الحقيقة بلا مواربة: لقد باتت الحاجة ملحّة إلى تدخل السلطات المعنية بجدية وحزم، قصد وضع حد لهذا النزيف الأمني وإعادة الطمأنينة إلى الساكنة. فالتاريخ لا يرحم، والمدينة التي كانت يومًا رمزًا للبركة والعلم لا يليق أن تبقى عنوانًا للجريمة والقلق.

بين الأمس المشرق والحاضر المظلم، تظل سيدي بنور شاهدة على مفارقة ساخرة ومؤلمة، في انتظار أن تستعيد مكانتها كمدينة للأمن والنور، لا كساحة مفتوحة للسرقة والخوف.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)