حين يتحول التعليم إلى حلم مؤجل: مأساة الأطفال ذوي الإعاقة في البحث عن مقعد دراسي

مع الحدث

المتابعة✍️: ذ. سيداتي بيدا 

 

في عالم تتسارع فيه عجلة التقدم وتعلو فيه أصوات الحقوق والمساواة، يقف آلاف الأطفال ذوي الإعاقة على أبواب المدارس، حاملين بين يديهم حقيبة العلم، بانتظار فرصة قد لا تأتي أبدًا. واقع يُهيمن عليه التهميش والإقصاء، رغم كل القوانين والنصوص التي تؤكد بحقهم في التعليم.

 

تشير تقارير منظمة اليونيسف ومنظمة الأمم المتحدة للأشخاص ذوي الإعاقة إلى ملايين الأطفال ذوي الإعاقة خارج المنظومة التعليمية حول العالم، خاصة في البلدان النامية. مع ذلك، الواقع يكشف عن أزمة عميقة لا تعزى إلى غياب القوانين، إذ إن معظم دول العالم قد صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) التي تكفل في مادتها 24 حق التعليم الشامل دون تمييز.

 

غير أن النصوص القانونية، التي لم تكتب إلا بعناية ومن منطلق احترام كرامة الإنسان، تصطدم في الواقع بـ”شلل تطبيقي”. مدارس تفتقر إلى البنى التحتية المناسبة، مناهج لا تستجيب للاختلافات، ومعلمون غير مؤهلين لتلبية الاحتياجات الخاصة، كلها عوامل تُفقد التعليم جوهره وأصالة رسالته.

 

النموذج الحالي للإدماج، في كثير من الأحيان، يُحيل أطفال الإعاقة إلى الحضور الجسدي داخل الفصول الدراسية، دون مشاركات تعليمية فعلية، ما يعمق شعور الوحدة والعزلة لديهم بدلاً من احتوائهم اجتماعياً وتعليمياً.

 

على الصعيد المحلي تتكرّر القصة ببطء وتردّد. القوانين رغم صدورها والتعديلات التي تجرى لتعزيزها، لا تجد أسس تطبيق حقيقية دون إرادة سياسية تفرز موارد مالية وتقام على أساسها برامج تدريبية وتربوية متخصصة. هنا تكمن الحاجة الملحّة لتحويل النصوص إلى خطط واضحة وعمليات تنفيذية تضع العدالة التعليمية فوق كل اعتبار شكلي أو تقليدي.

 

ومن هذا المنطلق تتحمل كل جهة دورًا حاسمًا ومسؤولية مشتركة:

الدولة مسؤولة عن تخصيص الميزانيات اللازمة وتوفير الكوادر المدربة في التربية الدمجية.

 

– المجتمع المدني-

 

مطالب بأن يكون صوتًا فاعلًا، يطالب بالمراقبة والمحاسبة لضمان استدامة الحقوق.

 

– وسائل الإعلام-

 

مدعوة لتغيير خطابها من رؤية الطفل ذي الإعاقة ككائن يستحق الشفقة إلى مواطن كامل الحقوق يستحق الفرصة والتمكين.

.الأسرة-

يجب أن تظل رافعة قوية، توصل أصوات أبنائها، تطالب وتشارِك في صياغة الحلول.

 

يبقى السؤال المؤلم قائمًا: متى سننتقل فعليًا من اعتراف نظري بحق تعليم عادل وشامل، إلى واقع محسوس يدفع هؤلاء الأطفال إلى الابتكار والإبداع، بدلًا من تبرير غيابهم بضعف البنية أو قلة الموارد؟

 

المدارس ليست مجرد مبانٍ أو صفوف دراسية، بل هي بوابات لمستقبل أفضل، وأي تأخير في فتح هذه الأبواب لطفل معاق هو تأجيل لحلمه وحرمان لحقه في الحياة. ولحظة الانفتاح هذه، لا تحتاج فقط إلى مفتاح قانوني، بل إلى إرادة جماعية تصر على ألا يُترك أحد خلف الصفوف..

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)