ميزات الملابس المستدامة “Bio” وكيف تجعل لباسك يداعب جلدك ويحمي بيئتك؟
بقلم . أحمد براو
وفقًا للدراسة التي قدمتها “مؤسسة إيلين ماك آرثر” في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس، ينتهي المطاف بأكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك في البحر كل عام، وذكرت أن معدل ارتداء الملابس انخفض بنسبة 36 في المئة في الفترة بين عامي 2000 و2015، في حين تضاعفت في نفس الفترة معدلات إنتاجها. وهذا يدل على أن المكاسب كانت على حساب جودة الملابس.
وحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية، أُنتج 15.1 مليون طن من نفايات الملابس عام 2013 فقط، وتسببت بعض المواد الكيميائية الموجودة على الملابس مثل الأصباغ في بعض الملابس، ضررًا بيئيًا عند تسربها إلى الأرض، وهذه المعلومة المؤسفة بالنسبة للتلوث البيئي تشير كما لو أن كل دقيقة ولمدة 365 يوم في السنة، هناك شاحنة قمامة تسكب محتوياتها في المحيطات والبحار.
فتقديم ملابس مستدامة من مكونات طبيعية بعيدًا عن الأصباغ والمركبات الكيميائية يعني تكلفة أعلى بكثير من الملابس التقليدية، وهو ما سينعكس بدوره على الأسعار التي ستكون مبالغ بها بنظر الكثيرين. فهل نحن نستطيع أن نغير هذا السلوك المخالف لمدى التزامنا بالمحافظة على البيئة؟
هنا في هذا المقال نتكلم كيف يمكننا المساعدة في تقليل هذا النوع من التلوث الذي يبدأ من جهة اختيارنا الملابس والأقمشة والأثواب التي نقتنيها لتسترنا ونتزين بها. ويعد اختيار الألياف الطبيعية والعضوية “بيو” -رغم غلائها- الخطوة الأولى لاحترام البيئة وحماية بشرتنا في أن واحد.
– خصائص مصادر الأقمشة والفرق بين العضوية والممزوجة كميائيا
لنبدأ بنصيحة حول اختيار الملابس الصديقة للبيئة، ولا بأس أن نعلم الفرق بين المواد المختلفة:
يُطلق على القطن والصوف والحرير اسم عضوي Bio وعلامة معتمدة إذا توفرت فيها شروط محددة. ويعتبر القنب والخيزران والأوكاليبتوس والكتان والقراص “الحريقة” أصدقاء للبيئة لأنها ببساطة تضمن تقليل التأثير البيئي، ولا تتطلب استخدام المبيدات الحشرية، وهذه خصائص أهم أربع مواد:
1 القطن يتم صب 25٪ من المبيدات الحشرية المستخدمة في العالم في قطن غير عضوي. علاوة على ذلك، يمثل القطن المعدل وراثيًا الآن حوالي 35٪ من محاصيل القطن في العالم، وتصل كمية الكيماويات الصناعية في كيلوغرام واحد من منتجات النسيج المصنعة إلى نسبة مائة بالمائة وهذا يعني إضافة 1 كيلوغرام من المواد الكيميائية إلى1 كيلوجرام من المنتجات النسيجية المصنعة.
يستخرج القطن العضوي من البذور العضوية وينمو في حقول لا تستخدم فيها مبيدات كيماوية لمدة ثلاث سنوات، وعضويتها أنها تترك للجلد مجال التنفس، وهي غير ملوثة وقبل كل شيء مضادة للحساسية، بالإضافة إلى أنها ذات نوعية رفيعة حيث تدوم لفترة أطول وهي مناسبة لبشرة الصغار.
وعند استخدام القطن العضوي تختفي العديد من الأمراض الجلدية، على وجه الخصوص التهاب الجلد والحساسية والمبيضات والفطريات، التي تؤثر على الجلد الحساس وتحدث الحكة، ولذلك يفضل استخدام الملابس الداخلية القطنية العضوية قبل كل شيء.
2القنب: لنبدأ من مبدأ أنه حتى لو كان نباتيًا دائمًا “Cannabis sativa” أو حتى من بين الأصناف المُحسَّنة لإنتاج الألياف والبذور، فيعتبر قنب ساتيفا نوع من جنس القنب الجيد ويزرع بشكل أساسي لاستخدام المنسوجات أو حتى في البناء، ولإنتاج الورق وفي المجالين الطبي والتنشيطي لاحتوائه على بعض المواد المخدرة، بنسب متفاوتة حسب الصنف. لا يتطلب القنب سمادًا وينمو جيدًا في كل مكان تقريبًا، حتى الثلاثينيات من القرن الماضي كانت تعتبر إيطاليا ثاني أكبر منتجين في العالم من حيث الكمية لهذا النوع من القنب في فترة الإنتاج الأقصى في إيطاليا وحدها، تمت زراعة أكثر من 79000 هكتار بالقنب بإنتاج سنوي يقارب 800000 قنطار.
وفقًا للبيانات الصادرة عن EIHA (الرابطة الأوروبية الصناعية للقنب)، بلغت المساحة الإجمالية في عالم زراعة القنب الصناعي حوالي 85 ألف هكتار في عام 2011 ، منها حوالي 60 ألف هكتار للألياف خاصة الصين وأوروبا و 25 ألف هكتار للبذور في كندا والصين وأوروبا.
حاليًا يُزرع القنب على مساحة 17000 هكتار في الاتحاد الأوروبي في 13 دولة عضو على الأقل. وإذا تم تحويل انتباه أولئك الذين يفكرون في القنب من حيث الأدوية فقط، وإقناعهم بفعاليته لمنافسة منتجات الأنسجة الصناعية فيمكن أن يدركوا الاستخدامات التي لا تعد ولا تحصى لهذا النبات، وهو محصن عمليًا ضد أي أمراض وفي إنتاج أنواع عديدة من الأنسجة.
3الصوف: تأتي ملابس الصوف العضوي من الأغنام التي تُرعى في المراعي وتتغذى على العلف العضوي والتبن، يحظر استخدام منتجات المبيدات سواء في المراعي أو بين الحيوانات، وكذلك الإضافة أو التشويه.
4الخيزران: هو نبات ينمو بسهولة وبدون الحاجة إلى مبيدات النسيج، مشابه للفيسكوز لكنه أكثر راحة.
– منتج جلدي عضوي إيطالي جديد من النبيذ
نعلم أن هناك أيضا منتوجات جلدية تأتي من مخلفات الدباغة التي تستخدم فيها أحماض ومعادن ثقيلة مسؤولة عن تلوث التربة والمياه؟ لكن صحة الناس معرضة للخطر أيضًا، نظرًا للمواد الكيميائية الضخمة التي تتطلبها الدباغة الاصطناعية والتي يتم استنشاقها دون أي حماية في عملية التصنيع.
فهل تخيلت يومًا أن النبيذ يمكن أن يحصل على جلد نباتي بنسبة 100٪؟
يُطلق عليه اسم Wineleather ، وهو جلد نباتي مصنوع في إيطاليا يتم إنتاجه من خلال عملية إنتاج مبتكرة تحول الألياف والزيوت النباتية الموجودة في بقايا الأعناب المعصرة إلى مادة بيئية لها نفس الخصائص الميكانيكية والجمالية والحسية المشابهة للجلد.
صُنعت وحصلت على براءة اختراع من شركة “فيجيا” الإيطالية، وتتميز بالاستدامة والأخلاقيات البيئية ولا يمزج الإنتاج بالماء ولا الزيت وهو نباتي بنسبة 100٪ ويحمي الحيوانات والبيئة قبل كل شيء، والنتيجة هي جلد عالي الجودة بتكاليف إنتاج منخفضة.
يمكن الحصول على أكثر من 7 ملايين طن من مخلفات الأعناب المصنعة للنبيذ التي تستخدم كمواد خام من عملية الإنتاج هذه.
كما تعتبر بعض الدول كإيطاليا وفرنسا، التي تمتلك الرقم القياسي في إنتاج النبيذ، بحصص تتراوح بين 20٪ من الإنتاج العالمي، أن تستفيد بشكل كبير من هذه المنتجات النسيجية الجديدة من أصل نباتي.
من المحتمل أن يتم إنتاج حوالي 3 مليارات متر مربع من الجلود النباتية سنويًا.
للتصديق على جودة وإمكانات هذه الشركة الناشئة المبتكرة ، حصلت شركة على جائزة “غلوبال شانج” لأفضل خمس أفكار تجارية تتميز بالاستدامة والأخلاق وحماية صحة العمال والمستهلكين.
– عاداتنا في اللباس ممكن أن تحد من تلوث البيئة
الملابس المستعملة تُقدِّم حلا لمشكلة الاستهلاك المفرط، وينصح أيضا بالحد من غسلها، لخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن الملابس والحد من استهلاك المياه وخفض كمية الألياف الدقيقة التي تتسرب إلى أنظمة الصرف. وإذا كانت ملابسك مهترئة إلى حد أنها تستعصى على الإصلاح، فإن أفضل طريقة للتخلص منها تتمثل في إهدائها خيريا أو في إعادة تدويرها. إذ تعيد الآن بعض المصانع تدوير الأقمشة القطنية والمصنوعة من البوليستر وتحولها إلى ملابس أو أقمشة جديدة. وتشتري الآن شركات الأزياء الكبرى الأقمشة المعاد تدويرها لتستخدمها في تصنيع أزيائها.
وقد يتطلب الحد من الأثر البيئي للأزياء إحداث الكثير من التغييرات على مستوى الشركات والصناع وخصوصا المستهلكين، وبحسب أوكسفام الخيرية، فإن القرارات الواعية التي نتخذها كمستهلكين قد تسهم في الحفاظ على البيئة، ليس هذا فحسب، بل إيضا في تغيير قطاع الأزياء برمته.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق