فريد حفيض الدين (هذي فهامتي )عدد : 20 “إلى أين يسير العالم”

فريد حفيض الدين

لا أحد بإمكانه اليوم التكهن لما سيكون عليه حال العالم في غضون السنوات القليلة القادمة.

عالمنا اليوم يسير بسرعة ، توحي بأن متغيرات جيو سياسية واستراتيجية ستغير لا محالة خريطة العالم .

بدأت هذه المتغيرات في الظهور مع جائحة كورونا ، وتبعاتها الإقتصادية والإجتماعية على معظم دول العالم .

ينضاف إلى هذا المعطي الوبائي ، معطى آخر بيئي ، ويتمثل في التغييرات المناخية بفعل عوامل التلوث ، والإنحباس الحراري ، وما يرافقهما من جفاف ، وشح في التساقطات ، ما يؤدي إلى تهديد للأمن الغدائي ، خاصة لدى الدول الفقيرة . ولم لا انهيار أنظمة بفعل حروب على منابع المياه ، واخرى بفعل المجاعة .

ولأن الكوارث لا تأتي فرادى كما يقال ، انضافت إليها الحرب الروسية الاوكرانية ، وما تخلفه لحد الساعة من خسائر في الأرواح ، وهدر لملايير الدولارات كان ممكننا استعمالها في محاربة الفقر وكل الآفات الإجتماعية التي تشل حركة النمو الاقتصادي العالمي . ولا أمل في قرب نهايتها على الأقل في الشهور القادمة ، لما تعرفه من تطورات كل يوم .

من بين المتضررين كذلك ، دول أوروبا شرقها وغربها ، خاصة بعد تنامي صعود أحزاب يمينية متطرفة ، تحمل الفكر النازي والفاشي ، وتؤمن بمبدأ الدولة القومية ، وتهدد بتفكك الإتحاد الأوروبي . ولنا في النمودج الإيطالي خير دليل على هذا…

تدور كل هذه الأحداث بالطبع تحت أعين الولايات المتحدة الأمريكية ، بل هي اللاعب الأول في ما جرى ويجري من متغيرات ، وتستعد لخلق توازنات جديدة على الخارطة الجيو سياسية والاستراتيجية للعالم كما تريده هي . لذلك تدفع من خلال الحرب إلى إضعاف خصومها ، وحتى حلفائها . ورأينا كيف أنها تضخ ملايير الدولارات في هذه الحرب من خلال أسلحة متطورة ، ودفع أوروبا إلى المساهمة ودعم اوكرانيا لكي لا تسقط ، إلى حين إضعاف روسيا . الهدف بالطبع هو منع أي تحالف بين الصين وروسيا مستقبلا. حتى تهديد فلاديمير بوتين باستعمال السلاح النووي وضمه مؤخرا لأربع مناطق من أوكرانيا ، واستقبال المنشقين ، واستعداده لمنحهم حكما ذاتيا ، لم يزد أمريكا إلا إصرار على تمديد أجل هذه الأزمة .

ولعل تخريب انبوبي الغاز( نور ستريم 1 ونور ستريم 2 في عمق مياه بحر البلطيق ، يدخل ضمن هذا التكتيك الأمريكي لإطالة أمد هذه الحرب .

الصين بدورها ، تعلم أنها المستهدفة الأولى من كل ما يجري ، ولذلك أخدت مسافة من هذه الحرب ، ولم تدعم بوتين

. الصين تعلم أن أمريكا تبتزها بورقة التايوان ، واللعب على استقلالها التي تؤيده بالطبع أمريكا لاضعاف الصين ، وإبعادها عن الموقع الاستراتيحي للتايوان في التجارة والملاحة العالميين…

باختصار شديد ، لكل من هؤلاء الكبار مصالحه الاستراتيجية ، ولا مجال هنا للعواطف والقيم الإنسانية وكل شعارات السلم ، والسلام والتعايش بين الأمم والشعوب . هذه شعارات ترفعها الدول الضعيفة لأنها أصلا لا تملك شيئا غير ذلك .

قدرنا أن نتفرج على مجريات الأحداث ، دون أن نكون فاعلا ومؤثرا فيها . كل شيء يهون

“غير تفوتنا الدقة وتجي فين ما بغات”

هذي فهامتي!!!!

Please follow and like us:
Pin Share

Related Posts

توقيف متورطين في سلسلة من السرقات بعد تدخل أمني ناجح بمراكش

مع الحدث براهيم افندي  شهد حي صوكوما بمراكش، يوم أمس، تدخلًا أمنيًا أسفر عن توقيف ثلاثة أشخاص يُشتبه في تورطهم في قضية سرقة من داخل سيارة، استهدفت مبلغا ماليا مهما.…

شاب ينجو من الغرق والبحث متواصل عن مرافقه

محي الدين البكوشي      تعيش منطقة قنطرة “أسكار” بضواحي تاونات، منذ مساء الثلاثاء 8 أبريل الجاري، على وقع حادث غرق مأساوي بعدما سقط شاب في مقتبل العمر وسط مياه…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
YouTube
Instagram
Telegram