تطرق أزمة مالية حادة أبواب الجزائر حيث يتعرض اقتصادها المثقل بتداعيات جائحة كورونا وإجراءات الغلق التي أعلنتها ضمن تدابير وقف زحف الوباء.
وقال وزير الطاقة الجزائري عبد المجيد عطار اليوم الاثنين إن بلاده تتوقع تراجع عائداتها من صادرات النفط الخام والغاز بأكثر من 10 مليارات دولار مقارنة بالعام الماضي نزولا من 34 مليار دولار في 2019 إلى 23.5 مليار دولار هذا العام بسبب هبوط الأسعار العالمية وتنامي الاستهلاك المحلي.
وتعتمد الجزائر العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بشدة على صادرات النفط والغاز لتمويل ميزانية الدولة وسداد قيمة واردات من السلع تقدر بأكثر من 40 مليار دولار سنويا، وسط فجوة كبيرة في ميزانها التجاري.
وطيلة عقود من حكم الحزب الواحد في الجزائر، لم تستثمر الحكومات الفائض من إيرادات الطاقة خلال طفرة أسعار النفط والغاز، حيث اعتمد النظام السابق خلال عقدين من حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على شراء السلم الاجتماعي من دون أن يلتفت لتنويع مصادر الدخل.
وجعلت هذه السياسة الجزائر عرضة لهزات اقتصادية خطيرة كلما اضطربت اسعار النفط في العالم.
وواجهت في الأزمة النفطية الأخيرة التي بدأت منتصف 2014 مع موجة هبوط أسعار النفط إلى نحو 20 دولارا للبرميل قبل أن يبدأ في التعافي تدريجيا لكنه لم يبلغ حتى الأشهر الأخيرة من العام الحالي مستوى السعر المطلوب لإعادة التوازن للمالية الجزائرية العامة.
وقبل وبعد استقالة الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة دخلت الجزائر في دوامة من المتاعب المالية بسبب أشهر من الاحتجاجات واضطراب أسعار النفط.
وفاقمت جائحة فيروس كورونا العالمية أيضا من الضغوط المالية على الاقتصاد وأجبرت شركة الطاقة المملوكة للدولة ‘سوناطراك’ على خفض استثماراتها المزمعة للعام الحالي بمقدار النصف إلى سبعة مليارات دولار.
وتزامن ذلك مع زيادة في الطلب المحلي على الغاز ومنتجات النفط، وصلت إلى سبعة بالمئة سنويا، وفقا لأرقام رسمية.
وقال عطار في تصريحات للإذاعة الرسمية إن الجزائر أنتجت 90 مليار متر مكعب من الغاز في 2019 في حين بلغ الاستهلاك 43 مليار متر مكعب.
وجمدت الحكومات المتعاقبة في الجزائر مشاريع ضخمة بسبب الأزمة المالية، فيما اتخذت إجراءات لتقليص حجم الواردات، إلا أن تلك الإجراءات لم تحل دون اضطراب ماليتها العامة.
وقد تجد الحكومة الجزائرية نفسها مضطرة لمراجعة منظومة الدعم وهي مجازفة تهدد أيضا باشتعال الجبهة الاجتماعية التي تعتبر الدعم خطا أحمر.
وتحاول السلطة في الوقت الراهن تطويق الحراك الشعبي بأي ثمن وبكل الوسائل خشية من توسعه مجددا على خلفية الأزمة المالية والمطالب الاجتماعية الملحة.
ويقول خبراء اقتصاد ومصادر في المعارضة، إن استشراء الفساد طيلة العقود الماضية كان السبب الرئيسي في الأزمات التي تعاني منها الجزائر.
ويحاكم عدد من رموز النظام السابق في قضايا فساد مالي وإداري، وسط آمال بترسيخ مبدأ الشفافية والمحاسبة وصولا إلى العدالة الاجتماعية، إلا أن الخبراء يرون أنه من الصعب جدا تطهير مؤسسات الدولة من الفساد بالسرعة المطلوبة.
Share this content:
إرسال التعليق