مع الحدث متابعة عابدين الرزكي
شهد إقليم طانطان خلال الأسابيع الماضية سلسلة احتجاجات فردية ومتفرقة قادها شباب المدينة، بعضهم نصب خيام الاعتصام لأيام أمام مقر العمالة، وآخرون اختاروا التصعيد عبر اعتلاء أعمدة شبكة الاتصالات أو تنظيم وقفات جزئية أمام الباشوية. كل هذه الأشكال، على اختلافها، يجمعها مطلب واحد: الكشف عن مصير المشاريع التي أودعت لدى قسم العمل الاجتماعي قصد الاستفادة من تمويلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ضمن محور تحسين الدخل وتعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب.
هذه الاحتجاجات، وإن بدت معزولة، إلا أنها تحمل دلالات عميقة. فهي تكشف أولاً حجم العطش إلى فرص الشغل في جهة تتصدر نسب بطالة الشباب وطنياً، كما تفضح ثانياً اختلالات التدبير الترابي للبرامج العمومية محلياً، وتؤكد ثالثاً أن حتى البرامج الملكية، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لم تسلم من أعطاب التنزيل. فمنذ انطلاق مرحلتها الثالثة سنة 2018، ظل محور التشغيل شبه معطل في طانطان، بينما تعرف أقاليم أخرى كسيدي إفني دينامية مشهودة، عبر إطلاق طلبات عروض متكررة لفائدة الشباب حاملي المشاريع.
على المستوى الوطني، اعترفت حكومة 8 شتنبر بفشلها في مواجهة البطالة رغم إطلاقها برامج “فرصة” و”أوراش”، لتجد نفسها مطالبة، تحت ضغط الأرقام المقلقة (معدل بطالة 13%)، بجعل التشغيل أولوية قصوى فيما تبقى من ولايتها. وقد أكد جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2025 على ضرورة دعم المبادرة الحرة وتشجيع الاستثمار المحلي ضمن الجيل الجديد من البرامج التنموية.
أما جهوياً، فإن الوضع لا يبعث على الاطمئنان. منذ 2020 أحدث مجلس جهة كلميم وادنون جمعية “كلميم وادنون مبادرة” لدعم المشاريع، قبل أن تلتحق غرفة التجارة والصناعة والخدمات ببرنامج مشابه بميزانية تناهز 12 مليون درهم. لكن الحصيلة تكاد تنعدم، إذ لم تتجاوز إعلاناً يتيمًا قبيل انتخابات 2021، لتظل المبادرتان بلا أثر ملموس. وهو ما يفسر تزايد نزيف الهجرة السرية التي باتت بالنسبة لعدد من شباب الجهة الخيار الوحيد للهروب من مثلث البطالة والفقر والهشاشة.
جدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية سبق أن راسل عامل الإقليم في يناير 2023 مطالباً بتفعيل منصة الشباب، كما طرحت برلمانية عن الحزب سؤالاً كتابياً على وزير الداخلية. ورغم تأكيدهما معاً قرب افتتاح المنصة بعد تأهيل بنايتها وتوقيع اتفاقيات الشراكة مع الجمعيات المكلفة، إلا أن الأبواب ما تزال موصدة حتى اليوم، وظلت الالتزامات مجرد وعود لم تتحقق.
في ظل هذا الواقع، تتجدد المطالبة بإخراج منصة الشباب بطانطان إلى حيز الوجود. فاستمرار تعطيلها يعني حرمان عشرات الشباب من فرص حقيقية للاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وإبقاء الإقليم رهينة للانتظارية. ومن باب المسؤولية، يبقى الأمل معقوداً على تجاوب السلطات المحلية والجهوية مع هذا الملف قبل فوات الأوان.
والله المستعان.
تعليقات ( 0 )