مع الحدث
متابعة : لحبيب مسكر
في ساحة القديس بطرس، حيث اتشح المكان بالحزن والرهبة لوداع البابا فرنسيس، خطف بعض قادة العالم الأضواء، لا بالكلمات أو الخطابات، بل بالملابس التي اختاروا أن يرتدوها، في تحدٍّ صريح لقواعد البروتوكول الفاتيكاني العريقة.
فرضت الفاتيكان تقاليد صارمة على الحضور: بدلات داكنة وربطات عنق سوداء للرجال، وفساتين طويلة سوداء مع حجاب وقفازات للنساء. ومع ذلك، بدا أن بعض الزعماء قرروا إرسال رسائل مختلفة عبر مظهرهم.
في مقدمتهم، الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي حضر مرتديًا بدلة زرقاء لامعة وربطة عنق زرقاء زاهية، متجاهلًا بذلك القواعد التي التزم بها معظم الحاضرين. أما نظيره الأسبق جو بايدن، فحضر ببدلة داكنة مع ربطة عنق زرقاء، بينما ظهر الأمير ويليام ببدلة زرقاء داكنة، والتزم بالحد الأدنى للزي الرسمي. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدوره، واصل تحديه للأعراف، فحضر دون ربطة عنق أصلًا.
صحيفة “ديلي ميل” البريطانية وصفت الحدث بأنه “مسرح لقراءة الرسائل الخفية”، حيث تحولت كل قطعة ملابس وكل لون إلى وسيلة تعبير صامتة عن مواقف سياسية أو تلميحات دبلوماسية.
وعلى النقيض من هؤلاء، التزمت شخصيات بارزة أخرى بالبروتوكول بكل تفاصيله، مثل السيدة الأولى ميلانيا ترامب، التي ارتدت معطفًا أسود أنيقًا مع حجاب دانتيل وقفازات سوداء، والسيدة الأمريكية الأولى السابقة جيل بايدن التي التزمت كذلك بالزي التقليدي الكامل مع الحجاب وحذاء بكعب بسيط.
رغم أن الجنازة كانت مناسبة دينية يفترض أن توحّد العالم في لحظة خشوع، إلا أن الاختلافات في اللباس كشفت عن تصدعات سياسية وثقافية أعمق. وانتقد كثيرون ظهور ترامب ببدلته الزرقاء، معتبرين أنه أظهر “قلة احترام” واضحة، حيث قال أحد المعلقين: “هل كان من الصعب عليه أن يرتدي بدلة سوداء كبقية قادة العالم؟”. وانتقدت النائبة البريطانية أليسون غراهام ظهوره اللافت بقولها: “يبدو كالإبهام المؤلم وسط الحضور”.
وواجه الرئيس الأوكراني زيلينسكي انتقادات مماثلة، تذكيرًا بحادثة سابقة حين زار البيت الأبيض بملابس شبه عسكرية أثارت استياء البعض.
وفي النهاية، أثبت وداع البابا أن حتى أكثر اللحظات قدسية، لا يمكن أن تنفصل عن حسابات السياسة ومظاهر القوة الرمزية، حيث أصبح اللباس، بدل الكلمات، أداةً لإيصال الرسائل الخفية.
تعليقات ( 0 )