قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

الكورتي… الجندي المجهول في محطات سيارات الأجرة

IMG-20251025-WA0018

في كل محطة طاكسيات، وفي كل مدينة أو قرية مغربية، هناك وجه مألوف لا يغيب أبدًا، يقف من الصباح إلى المساء، صامدًا في كل الفصول، تحت الشمس أو المطر. إنه الكورتي — ذاك الرجل البسيط الذي يعرفه كل سائق وكل مسافر، والذي يظل حاضرًا في انتظار الطاكسي ودخول “صاحب النوبة” لينظم الدور ويضبط الحركة دون فوضى.

 

الكورتي ليس موظفًا رسميًا، ولا يتقاضى أجرة شهرية، لكنه ركن أساسي في المنظومة اليومية للنقل، هو من يحفظ التوازن بين السائق والمسافر، بين النظام والازدحام. بصبرٍ كبير ووجهٍ بشوش، يتعامل مع الجميع دون نرفزة، رغم التعب والانتظار الطويل.

 

حين تصل الطاكسيات إلى المحطة، يبدأ دوره الدقيق: هذا أعطاه 200 درهم، وذاك 50 درهم، لا فرق عنده، يتعامل مع الجميع بنفس الهدوء والنية الطيبة. يعرف كل سائق، وكل وجه من الزبناء، ويُقدّر رزق كل واحد. لا يحمل دفترًا ولا حاسوبًا، لكن ذاكرته أقوى من الاثنين، تحفظ “السخرة” والدور والحق والواجب.

 

هو رجل من لحم ودم، يعيش يومه بتعب، لكن بكبرياء. لا يشكو ولا يطالب، فقط ينتظر أن يُنصفه المجتمع، أن يُعترف بجهده، لأنه ببساطة يشتغل في صمت ليجعل الآخرين يتحركون.

 

الكورتي ليس مجرد شخص ينظم الطاكسيات، بل هو رمز للنظام الشعبي والعمل اليومي الشريف. هو صورة الصبر، والعطاء، والكرامة المغربية التي لا تنكسر رغم قسوة الظروف.

فلنرفع له القبعة احترامًا، ولنعترف بفضله في جعل الطرق أكثر تنظيمًا، والرحلات أكثر سلاسة.

تحية لكل كورتي في المغرب… الجندي المجهول الذي يقف بين العرق والكرامة ليبقى الوطن في حركة دائمة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث