مع الحدث: متابعة لحسن المرابطي
تعيش ساكنة بوشبل منذ سنوات معاناة حقيقية بسبب موقع ما يُسمى بالمجزرة القديمة، التي شُيدت وسط المدار السكاني في خرق واضح للقوانين الصحية والبيئية المعمول بها. فالمكان يجاور المسجد والمدرسة الجماعاتية ودار الطالب والطالبة والسوق الأسبوعي، كما يُفرغ مباشرة فضلات الذبائح ودماءها في وادي بوشبل، الأمر الذي أدى إلى تراكم الكلاب الضالة، وانتشار الروائح الكريهة وأسراب الذباب، وتلويث الفرشة المائية التي تشرب منها ساكنة بولعشوش وتوزينين وقطعان الماشية في أزغار.
ورغم الاحتجاجات المتكررة، خرج إلى الوجود مشروع جديد لبناء مجزرة أخرى على مقربة، بل متلاصقة مع الأسطبل القديم! وهو ما يثير شكوكاً حول مدى احترام دفتر التحملات والقوانين المؤطرة لمثل هذه المرافق.
لكي تؤدي المجازر دورها الحيوي دون أن تتحول إلى مصدر خطر بيئي وصحي، لا بد من مراعاة معايير علمية دقيقة، أهمها:
1. اختيار الموقع المناسب
يجب أن يُبنى بعيداً عن المناطق السكنية، المؤسسات التعليمية والدينية، والمراكز الحساسة.
ضرورة وجود حزام أخضر أو منطقة عازلة لتقليل انتقال الروائح والحشرات.
2. التصميم الهندسي وفق معايير صحية
تقسيم داخلي واضح يضمن فصل مناطق الذبح عن التخزين والتبريد.
توفير تهوية طبيعية وميكانيكية لتجديد الهواء والتقليل من الروائح.
تجهيز مرافق أساسية: مراحيض، أحواض لغسل الأيدي، حمامات للعاملين.
3. إدارة النفايات ومعالجة الفضلات
إحداث نظام فعال لمعالجة المياه العادمة قبل طرحها في الطبيعة.
تخصيص وحدات لمعالجة الدماء والفضلات الصلبة بشكل يحول دون انتشار الحشرات أو تلوث المياه الجوفية.
4. التجهيزات التقنية
نظام تبريد حديث يحافظ على جودة اللحوم ويمنع التلف.
معدات صحية ومعقمة لتفادي التلوث المتبادل.
5. السلامة المهنية والتكوين
تدريب العاملين على تقنيات الذبح وفق معايير السلامة الصحية.
الامتثال للقوانين الوطنية والدولية المتعلقة بالصحة الحيوانية والإنسانية.
إن غياب الشفافية حول تفاصيل المشروع الجديد يزيد من فقدان الثقة بين الساكنة والجهات المسؤولة. كان الأجدر أن يُنشر دفتر التحملات بشكل علني، مع فتح قنوات التشاور والتواصل مع المجتمع المدني، لضمان الاطمئنان الجماعي بأن المشروع سيُشيد وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.
المجزرة ليست مجرد بناية للذبح، بل مرفق استراتيجي يمسّ صحة الإنسان وكرامته وبيئته. فإذا لم تُحترم المعايير العلمية والبيئية في إنشائها، فإنها تتحول إلى قنبلة بيئية واجتماعية. المطلوب اليوم أن تتحلى الجهات الوصية بالصرامة في مراقبة أشغال البناء، وأن تجعل من السلامة الصحية، حماية البيئة، وشفافية التسيير أركاناً أساسية لإنجاح هذا المشروع الحيوي.
تعليقات ( 0 )