لحسن المرابطي
تعيش شركة تويسيت (CMT) بعوام على وقع مطالب نقابية متزايدة، غير أن واقع الانقسام النقابي داخل الشركة، وطغيان بعض النزعات القبلية على العلاقات المهنية، يحدّ من فاعلية النضال العمالي ويضعف مخرجاته، فإذا كان الاتحاد المغربي للشغل (UMT)متجدرا منذ نشأة الشركة المستغلة الأولى (SMA) والتي تمت تصفيتها بهدف محو الامتيازات المحققة لفائدة العمال، ثم نشأة نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) مع بدء الشركة تويسيت (CMT) استئناف العمل بالمناجم ذاتها، ثم حديثاً ظهور الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) في إطار سعيها التقدمي لتمثيل العمال المنجميين وصون حقوقهم الاجتماعية والمهنية.
وسنخصص هذا المقال للحديث وتحليل ما يمكن اعتباره الملف الترافعي للنقابة المستحدثة بالشركة المنجمية والنبش في الإشكاليات التي تنتظر حلها تحقيقا وصونا لحقوق الكادحين وسنستنبط من خلال تصريحات أحد مسؤوليها حجم التحديات المنتظرة منها..
1. حداثة النقابة وصعوبة ترسيخ موقعها
يشير مصدر نقابي من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشركة تويسيت إلى أن تأسيس المكتب النقابي حديث نسبياً، وهو ما يجعله في طور بناء الثقة مع القواعد العمالية وتوسيع قاعدته التنظيمية. هذا المعطى يُلقي بظلاله على القدرة التفاوضية، إذ تحتاج النقابة الجديدة إلى إثبات استقلاليتها ونجاعتها داخل محيط تتواجد فيه تنظيمات أخرى قديمة وراسخة.
2. تعدد النقابات: وحدة المطالب في مواجهة التشتت
وجود أكثر من نقابة داخل الشركة خلق حالة من التعددية التنظيمية التي قد تُعتبر صحية من زاوية حرية الانخراط، لكنها في السياق المنجمي لعوام أدت عملياً إلى تشتت الصفوف وتضارب المواقف. هذا الوضع يضعف مركز قوة العمال في التفاوض الجماعي، ويتيح للإدارة هامشاً أكبر للمناورة. ويبرز هنا البعد الحقوقي المتعلق بضرورة تشجيع التنسيق بين النقابات من أجل تحقيق مصلحة العمال المشتركة، بدل الدخول في تنافس يقوّض نجاعة العمل النقابي.
3. النزعة القبلية: من التضامن الاجتماعي إلى الانقسام المهني
من التحديات الإضافية التي تعمق الأزمة النقابية طغيان الاعتبارات القبلية في الوسط العمالي، حيث تتحول الانتماءات الاجتماعية أحياناً إلى محدّد أساسي للعلاقات المهنية والاصطفافات داخل الحقل النقابي. هذه النزعة تضعف منطق التضامن الطبقي المبني على المصلحة المشتركة، وتُفرغ العمل النقابي من جوهره، بل وتُدخل الانقسامات إلى قلب المطالب المشروعة، هذا الأمر يسهل تملص الإدارة من مسؤولياتها بحجة تضارب المصالح.
4. مسألة شركات المناولة، وهي المشكل الرئيسي في مناجم جبل عوام، مشكل تسبب في اضرابات سابقة، وسيسبب اضرابات اخرى طالما لم يجد حلا حقيقيا، لأنه المظلمة الكبيرة بحق العمال الكادحين.
المطالب المشروعة في ضوء القانون
.5 رغم هذه التحديات التنظيمية والاجتماعية، فإن المطالب التي تطرحها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تبقى ذات سند قانوني واضح:
قانون 18.12 المعدل بالقانون 27.23 بشأن التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
القانون 33.13 المتعلق بالمناجم ومشروع تعديله (72-24) الذي يعزز مسؤولية الشركات تجاه العمال.
مدونة الشغل المغربية التي تحمي الأجر العادل، الترسيم، والصحة والسلامة المهنية.
الفصل 31 من الدستور المغربي الذي يضمن الحق في السكن والصحة والحماية الاجتماعية.
هذه المقتضيات تمنح المطالب النقابية شرعية قوية، سواء تعلق الأمر بالتعويض عن السكن، مراجعة الأجور وفق التضخم، تحسين شروط الصحة والسلامة، أو محاربة التمييز في التقاعد التكميلي.
.6 الخلاصة: بين قوة القانون وضعف التنظيم
إن التجربة النقابية الجديدة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشركة تويسيت تكشف عن معادلة دقيقة: مطالب مشروعة مسنودة بالقانون، في مقابل عراقيل داخلية تتمثل في حداثة التنظيم، تعدد الإطارات النقابية، وهيمنة الولاءات القبلية.
من هنا، فإن نجاح أي مسار نضالي يتطلب:
بناء جبهة عمالية موحدة تتجاوز الاصطفافات الضيقة.
تعزيز ثقافة المواطنة النقابية بدل الانتماءات القبلية.
استثمار قوة النصوص القانونية لتأطير المطالب وتحصينها.
تعليقات ( 0 )