المكفوفون بين تحديات المغرب وآمال إفريقيا: نحو عدالة بصرية شاملة

مع الحدث متابعة لحبيب مسكر

يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تطوراً ملموساً في تعامله مع قضايا الأشخاص المكفوفين، سواء من خلال التشريعات أو المبادرات الميدانية. فقد أصبح صوت هذه الفئة مسموعاً أكثر، بفضل دينامية المجتمع المدني ووعي متزايد لدى المؤسسات بأهمية إدماج المكفوفين في الحياة العامة.

أحد أبرز مؤشرات هذا التحول يتمثل في مشروع الاتفاق المبرم بين المملكة المغربية والاتحاد الإفريقي للمكفوفين، والذي أحيل مؤخراً على لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب. هذا المشروع، الذي يرمي إلى إحداث مقر دائم للاتحاد الإفريقي للمكفوفين بالمغرب، يُعد سابقة على مستوى القارة، ويعزز الدور الريادي للمملكة في الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة، ليس فقط وطنياً بل على صعيد إفريقي أوسع.

المقر المرتقب يُنتظر أن يشكّل منصة للتكوين والترافع والتنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال الإعاقة البصرية، كما سيفتح الباب أمام تنظيم ندوات وتظاهرات قارية، وإعداد برامج للتوعية والتمكين الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن تطوير أدوات تعليمية ورقمية متخصصة. وهي خطوة تترجم التزام المغرب باعتماد مقاربة دامجة، تمتد من السياسات الوطنية إلى التضامن القاري.

على المستوى الداخلي بدأت بعض المؤسسات في اعتماد تكنولوجيا الوصول مثل الشاشات الناطقة، وهناك جمعيات نشطة في مجال التكوين والدعم النفسي والمهني. كما أن المغرب سبق أن صادق على عدد من الاتفاقيات الدولية في هذا الإطار، وسعى إلى إدماج قضايا الإعاقة ضمن استراتيجيات التنمية المستدامة والمبادرات الملكية، وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ورغم كل هذه الجهود المشكورة، لا تزال بعض التحديات قائمة، خصوصاً في مجالات التعليم الشامل، الإدماج المهني، وتوفير بيئة حضرية ميسّرة. فغياب بعض الوسائل البيداغوجية، وضعف فرص الشغل، وصعوبة التنقل في المدن، كلها عراقيل يومية تحدّ من استقلالية المكفوفين.

لكن هذه الإكراهات وإن كانت حقيقية، لا تلغي الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها المغرب، والتي تخوّله للانتقال من مرحلة المبادرات إلى ترسيخ عدالة بصرية شاملة، تجعل من المكفوفين مواطنين كاملي الحقوق، قادرين على المساهمة في تنمية وطنهم وقارتهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)