بائعة هوى في سن الثمانين
منصف الإدريسي الخمليشي
كان كل يوم يذهب إلى الحانة لزيارة أمه العاملة في الملهى الراقص, طامعا في دعواتها الملطخة بحركات راقصة, في يوم السبت 27 دجنبر, خرج عثمان من بطن أمه الشريفة العفيفة المتوضئة بكأس فودكا و الراكعة في أكواخ القحطانيين, الحاجة التي يقصدها كل من هب و دب في جل المناسبات الدينية, هي الممارسة للدعوة لدين جديد.
امرأة قصيرة القامة, لها تجاعيد, أنفها أقعم, فمها أحمر لامع يسر الناظرين, لها عيون دعجاء, ثديها كاعب, مي رابعة في عقدها السابع بائعة هوى متقاعدة, و هي الآن تلقي محاضرات في كبريات الحانات في العالم, مرة كان عثمان عن رضى أمه المسكينة, جاء إلى حانة الشريف كريم, ليوقفه الحارس ” عبد المؤمن” بعضلاته المثيرة.
سأله قائلا:
عبد المؤمن: على من تاتقلب؟
عثمان: بغيت لوالدة راها لداخل
عبد المؤمن: علاش بغيتيها راها مشغولة تاتقري البنات
عثمان: بغيت رضاها ضاقت بيا الدنيا
عبد المؤمن: ( بتعابير وجهه الشريرة و ضحكته الساخرة المعتادة) ههههههه ضحكتيني, تاتقلب على الرضى فأم خانزة معفونة, أي ملك و وزير أو خضار إلا و كان فقيه عند بلاطها
عثمان: ( ببرودة يصرخ في وجهه و يلكمه) حاملا قنينة خمر حمراء و ضرب عبد المؤمن ليسقط جثة هامدة, بسق على جثته, و مر فوقها, دخل للحانة, وجده مملوء برجال و خدام الدولة و نساء و حديثات العهد بالدعارة تعلمهم شروط استغلال الرجال الأغنياء, جرس الانذار يرن, الشرطة تذهب بعثمان إلى التحقيق, فإذا بالمحققة نوال و تقول:
المحققة نوال: هل أنت عثمان بن رابعة الشريفة الباطرونة؟
و لبلاهة عثمان قال: إيه نعم
أجابت: و تفو لعنة الله عليك يا ولد الشريفة, جميلة هبطيه لخريزو يتبرد.
في طريقهما إلى الكاشو, جميلة و عثمان, أعجبا ببعضهما, ابتسمت جميلة بثغرها الرائع و عيناها الواسعتين, و هي تلمس يديه بحنية و تطبطب على كتفيه, همست له في أذنيه, ” لا تخف إني معك” قبلته على جبينه.
عثمان لم يستوعب بعد فعلته, و لازال طامعا في رضى امه عنه.
بعد مرور ثلاثة أيام جاءت الحاجة رابعة إلى المخفر, رفقة السيد وزير العدل, فقامت الدنيا, أطلق سراح عثمان القاتل للسيد عبد المؤمن, و هما خارجين, كانت حارسة الأمن جميلة خارج أوقات عملها, تضع أحمر شفاه على ثغرها و صباغة سوداء على أظافرها و تلبس تنورة برتقالية, عثمان مطأطأ رأسه من شدة الحشمة و غض البصر.
ذاع الخبر في منصات التواصل و تصدر كبريات الصحف العالمية: ” عاجل تدخل وزير العدل على خلفية جريمة قتل راح ضحيتها بودي غارد حانة الشريف كريم, و الحاجة رابعة طرف في الموضوع”
تحول النقاش إلى قضية رأي عام فإذا بهم يلتقون كوكبة من رجال الصحافة عند الباب, ركبت رابعة و عثمان و وزير العدل و الحارس الشخصي في سيارة سوداء مفخخة رباعية الدفع, و الكاميرات تتبعهم إلى حين بلوغ فيلا المحاضرة في علوم الدعارة الحاجة رابعة.
مرت 40 يوما على موت عبد المؤمن, عثمان يتجول في شوارع المدينة كعادته, ملتقيا المهدي بائع السجائر, يبكي و مخاطه نازل شفتيه و كأنه طفل صغير, و يحمل منديلا ورقيا يمسح أنفه, أمامه القرآن الكريم, سأله عثمان:
عثمان: ما بك يا مهدي
المهدي: اشتقت له
عثمان: من هو؟
المهدي: أبي
عثمان: أين هو؟
كان أبي في عمله ككل ليلة يحرس ملهى الشريف كريم, فإذا بأحد أبناء إحدى الشخصيات البارزة في العالم, دخل معه في سجال, أبي أهانه و سخر منه, ليقتله بزجاجة خمر حمراء, قبل أربعين يوما كنت أعيش حياة الرفاء أبي كان حارس ملهى و الآن أنا بائع سجائر, فقط من أجل أمي و أخواتي الأربع.
أحس عثمان بندم شديد على ما وقع, فذهب إلى المخفر قصد تسليم نفسه للشرطة, فإذا بمهدي يلحقه معترضا طريقه, طعنه ثلاثة طعنات, فجأة يستيقظ عثمان من نومه ليجد أمه أمامه تطبطب له على كتفه, فناداها أنت جميلة؟ قالت و أنت أجمل, قال لها هل أنت جميلة حارسة الأمن؟ فتح عيناه ابتسم ابتسامة خفيفة و قال الحمد لله يا أمي, لقد دخلت السجن و قتلت عمي عبد المؤمن حارس الملهى, فقالت الحاجة رابعة
الحاجة رابعة: بسم الله عليك آ ولدي, فقط كابوس, أنا أمك رابعة حاضنتك, هيا انهض و امسح وجهك و خذ حماما, إن الكوابيس تصيب الساهرين
عثمان: و لكن يا أمي لماذا لن تصيبك كوابيس و أنت طيلة حياتك و أنت ساهرة؟
الحاجة رابعة: و من قال لك أنني لا أحلم بالكوابيس, فأنا حياتي كلها كابوس, لم تمر علي ليلة واحدة و لا يصيبني كابوس إلا تلك المئتين و سبعين ليلة التي كنت أنت في بطني
عثمان: و لكن يا أمي لماذا أنت تقومين بالفاحشة و السهر, فأنا ثمرة حب و زواج, حاولي أن تعودي لرشدك
الحاجة رابعة: أنت ثمرة اغتصاب يا ابني, هل تعلم أين هو أبوك؟
عثمان: حزنت من أجلك يا أمي, لا أعلم و لا أريد أن أعرف ( فنهض ليسقط أرضا)
اتصلت المرأة السبعينية بالإسعاف, ليلبوا النداء في نفس اللحظة, ذهبوا به إلى المصحة, أجريت التحاليل, ليجد نفسه أصبح مشلولا, و لم ينفع معه لا علاج و لا أي دواء, بكت الأم المحاضرة في علوم الدعارة.
عثمان الشاب الذي يبلغ من العمر خمسة و ثلاثين سنة, تزوره أحلام في كل الليالي, في صباح يوم السبت, صعد إلى سطح الفيلا, وجد حارسة الأمن جميلة, أفزع خاف ثم هرب و نزل فارا منها, ليجد عبد المؤمن و نوال و المهدي, أخبروه أنه يجب عليه أن يأتي بالذبيحة لكي يبتعدوا عنه, يحاول الهروب بعكازه من مكان لآخر, فإذا به يجدهم في كل الطرقات و يطلبون منه الذبيحة, في إحدى الأيام تجرأ و قال لهم ماذا تضمنون لي إذا جئتكم بالذبيحة, قالوا له سنضمن لكم أنك ستصبح قادر على الوقوف مرة أخرى, ضحك ضحكة هستيرية طويلة فإذا به أصبح أبكم, و قالوا له إذا أردت العودة لما كنت عليه يجب عليك إحضار ذبيحتين و إذا حاولت الإتيان براقي ستصبح أعمى, اختر, أمامك الآن أسبوع.
و كعادة عثمان محب لمطالعة الكتب و يمتطي فرسه الحديدي كما يحب تسميه كرسيه المتحرك, و هو يتجول بين أحضان المكتبة وجد كتاب عنوانه, ” شمس المعارف الكبرى” اقتناه و جاء به إلى الفيلا و أصبح أعمى كما قالوا له.
جاءت الحاجة رابعة من سفرية خاصة قادتها إلى الخليج العربي, من أجل نشر علمها في الدعارة و أحدث الأساليب, تفتح باب الفيلا, لتجد ابنها غير موجود, و هي تنادي عليه, عثمان, آ عثمان, عثماااان, أينك يا إبني, ليجيبها صوت غريب قائلا نحن جن كفرة خدمة سيدنا ابليس, ابنك محتجز لدينا و إذا أردت أن يعود لك بدون شلل أو صمم أو بكم أو عمى, يجب عليك أن تخرجي من هنا حالا و تأتي بماء زمزم و أذن الحمار و رأس فأر و خمسة و عشرون كيلوغراما من الذهب, الأم مرعوبة خائفة, و لكن فكرت أنها في نهاية حياتها ستصبح ساحرة و عاهرة أي مصير هذا؟ تشجعت و جاءت بجيش من الرقاة, إلى الفيلا, فوجدت ابنها, يمشي على رجليه, فقال لها:
عثمان: من هؤلاء يا أمي؟
رابعة: رقاة يا ابني, أين كنت؟
عثمان: أنا كنت في المسجد, و لكن يا أمي لماذا هذه الكوكبة من الرقاة؟
رابعة: لأنني أتيت من الخليج و وجدت جماعة من الناس و قالوا لي أنهم جن و من أجل تحريرك وجب علي أن آتي بالذهب و لسان الحمار و رأس الفأر…مقاطعا إياها
عثمان: و ماء زمزم هههههههه
رابعة: إيه نعم, و لكن كيف عرفت؟ و لماذا تضحك و أنت كنت محتجز؟
عثمان: الآن يا أمي جاء موعد الحقيقة
رابعة: أية حقيقة يا ابني؟
عثمان: كما تعلمين يا أمي طيلة حياتك و أنا أحاول أن أجعلك مهدية, ففكرت رفقة أصدقاء لي أن نصور أحداث فيلم كل هذه الأحداث فقط تمثيل من أجل أن تكفي عن كل هذه الأفعال الخبيثة, نشر جسدك في كل بقاع المعمور و كتاباتك الفاحشة لتحرير المرأة من العبودية, فهؤلاء الرجال و النساء جزاهم الله خيرا كلهم اتفقوا معي من أجل هذا المقلب
رابعة: هل الشريف كريم و مهدي و عبد المؤمن و جميلة و نوال, كلهم ممثلين؟ و ماذا نقول عن الإسعاف و المصحة؟
الطبيب: الحاجة رابعة, كل شيء خطط له ابنك من أجل مصلحتك, فالتحاليل التي كانت كلها كانت مزورة, ليس هناك جن أبدا, لأننا منذ مدة نحضر لك هذا المقلب و فكرنا حتى فيها هذا اليوم 27 دجنبر تاريخ ميلاد عثمان, إيه طبعا دخلت السجن بسبب قتل أب عثمان و لكن إلى الآن لا نعرف الجثة أين هي, و لكن ما يهمنا هو هل أنت راضية كل هذا الفيلم؟ الذي قمنا بحبكه؟ و التخطيط له؟
رابعة: هههههه دعوني أخبركم أن هذه المرة كنت في عمرة و لم أقم بأي شيء من الفاحشة و كنت أعرف كل مخططاتكم, لقد كان الطفل ريان يحرسكم, نعم, لم يسقط و لم يمت, كل شيء كان لعبة.
جميعهم يتعجبون: لي فراس الجمل فراس الجمالة
خالتي رابعة سخرت كافة الامكانيات و معارفها لتقوم بأشهر حادث على الاطلاق و ظننتم أنني في بئر ساقط, نعم فأنا من آمرت فلاديمير بوتين لخوض حرب ضد أوكرانيا, و أنا من عطلت الفار, و أنا من قمت بكل هذا تحت رعاية خالتي الحاجة, حيث منحت للإعلام و الدول و الطلبة و العالم آلاف تريليونات الدولارات, هذا فقط لكي لا تظنوا أنها في غفلة, لالة رابعة لها الفضل الكبير في استمرار الحياة و أنعشت الحياة, أخبركم أن خالتي رابعة هي أشهر متعبدة في الزمن الراهن فهي من قالت أشعار في ربنا الله, و أنتم ماذا فعلتم؟ تمثلون, الجن و الشجر و الجبال؟
مرت سنوات ماتت الحاجة رابعة, فصارت الفيلا مزارا عالميا, لكل الملاحدة و الراقصات, و يتلى فيه القرآن الكريم و الدعوة إلى الله, فانتصر الدين الرابعوي, الذي تنتهجه, و رفعت راية الاسلام و المسلمين هنا و هناك.
شاءت الأقدار ليكون ذاكر نايك و ياسين العامري أحد طلبة الحاجة العارفة بالله رابعة بنت سيدي مومن, و تعلموا منها و من كتاباتها العلم النافع.
Share this content:
إرسال التعليق