هشام بانور
إن فكرة بناء أسرة قائمة على الحب والوئام طموح يراود كل شاب وشابة تمزموطية ؛ لأنه السبيل للاستقرار النفسي والاعتزاز بالكيان الوجودي الذي يتحقق في بذل كل الجهود لتلبية حاجيات الاسرة؛ حيث يغدو هذا البذل والجهد نشاطا وحيوية ونفسا جديدا ، يستنشق عبقها كل من الشاب التمزموطي الذي يصير زوجا مسؤولا عن أسرة صغيرة يأمل أن يحقق فيها ما لم يحققه في نفسه، وشابة تمزموطية تحمل عواطف الأمومة ورغبة في انشاء أجيال تفتخر بهم بين قريناتها …
كل هذه المشاعر والآمال يختزنها الشاب التمزموطي ويأمل أن تتحقق ويسعد بها ، إلا أن هذه الأحلام الوردية قد تتعثر أمام تقاليدنا وعاداتنا ، التي أخذت منا ولا تزال تأخذ ، ونحن نقف أمامها عاجزين؛ لأسباب لا ندري أيكون لها بالفعل مرجع حقيقي أم أن الأمر -وهذا هو الغالب – قشور من الماضي الصديء الذي لا يتصل بمرجع ديني قائم ..
إن إشكالية إختيار الزوجة بالنسبة للشاب التمزموطي ، أو حتى إختيار الزوج بالنسبة للشابة التمزموطية إشكال عميق مهما فصلنا فيه وتحدثنا سنظل في حلقة مفرغة لأننا أمام إختيارين أحلاهما مر : إما أن نحقق الرغبة في إختيار من نحب ومن نريد أن نجعله شريك الحياة بمقومات ترضينا ونسعد لها، في مقابل مواجهة رأي الأسرة المتعنت والغير المبرر بهذا المعنى ، فالأسرة بما فيها الأب والأم هي التي تختار وتعين وتقرر ولا دخل للشاب والشابة في أي أمر ؛ إنه سلب للإرادة وعند الرفض أو حتى التشكيك في صحة الإختيار ، فتوصم بوصمة “عاق” أو كما نقول ” مسخوط الوالدين” ، فهل هذا السخط يكون في محله عندما يكون الشاب المتقدم للزواج ذو خلق ودين ، متمتع بكل المقومات التي تجعل منه رب أسرة مسؤول ،أو عندما تكون الشابة المرغوب الإقتران بها مؤهلة ومكتملة لشروط الزوجة الصالحة والقادرة على الرعاية والحفاظ على زوجها وأسرتها ؟؟؟
فكيف يمكن ان نتصورالضرر النفسي والمعنوي الذي يسببه الضغط الأسري على الشاب التمزوطي في اختيار شريكة الحياة ، حيث يكون الضحية دائما الشاب التمزموطي الذي رضخ لرغبة والديه إما حبا لهما و إما خوفا من سخطهما ..
إننا لا ننكر الحب الذي يكنه الآباء لأولادهم فهم فلذات أكبادهم يريدون لهم الاستقرار بجنبهم فينعموا برؤية أحفادهم ،ويكونون سواعد لهم..
إن غالب الأسر التمزموطية تحمل فكرة إنجاب العدد الكبير من الأبناء فتزويجهم، ومن ثم جعلهم يستقرون بينهم ليتخذوهم سواعد إما في الحقول أو البيوت وقد يضطرهم الأمر لتوقيف تعليمهم لهذا الغرض نظرا للأوضاع الإقتصادية غير المستقرة،لكنهم يتناسون وبغير قصد أن هذا الشاب الذي عمل طوال حياته إلى جانب أسرته سيكون نسخة طبق الأصل عن والديه وسيعمل بنفس المعاملة التي عومل بها إلا من رحم ربي ، ولن يكون له رأي ، وهنا سيتعامل بالنقيض الخفي بمعنى يحقق كل رغباته وللأسف خارج إطار حكمة العقل فهو في تمزموط زوج صالح وابن بار وخارج تمزموط هو الشاب الحر الطليق، يفعل ما يشاء ومتى يشاء وبما يشاء في محاولة لتحقيق رغباته وطموحاته التي سلبت منه لكن بزي المستخفي قد يصل به الأمر لإنكار وجود أسرة تنتظر عودته وزوجة مسكينة لا حول لها ولا قوة إلا انها يجب ان تستسلم للوضع الذي وضعت فيه ، أما الشاب الغير المتبصر يفعل كل ما يحلو له والأدهى من هذا أن يكون غير مؤهل لمواجهة صعاب المدينة المستضيفة بقواعدها ومتاهاتها فيكون فريسة سهلة المنال …
إن ما ذكرت فيض من غيض لبعض المشاكل التي يتخبط فيها الشباب التمزموطي في اتخاد قرار الإرتباط ونأمل أن يكون في جيلنا اليوم أمل التغير للأفضل
وعسى أن يكون نوره قريبا
Share this content:
إرسال التعليق