مع الحدث
المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر
بينما تتواصل الجهود الرسمية والمدنية لتوعية المواطنين بضرورة الامتثال للقرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة عيد الأضحى لسنة 2025، حفاظًا على الثروة الحيوانية وإنقاذ رؤوس الأغنام من الانقراض، تشهد بعض المتاجر الكبرى والمراكز التجارية سلوكًا تجاريًا يناقض روح هذا القرار، بل ويُقوّض حملات التحسيس الجارية.
ففي الوقت الذي تُبذل فيه مجهودات كبيرة لمحاربة مظاهر التهافت على شراء اللحوم والضَّوَارَة بأساليب مستفزة وغير مسؤولة، تفاجأ المواطنون بعروض دعائية صادمة: أكباش مذبوحة ومغلفة، مستلزمات الشواء، ألواح مشاوي، وحتى توابل العيد، تُعرض بشكل يوحي بأن لا شيء تغيّر!
هذا الوضع يثير تساؤلات مشروعة حول مدى انسجام السياسات الاقتصادية والتجارية مع التوجيهات الملكية، ويدفع المتتبعين إلى طرح سؤال جوهري: كيف نطالب المواطن بالوعي الجماعي والتضحية بعادة متجذرة، بينما تُغريه رفوف المتاجر بكل رموز العيد؟
القرار الملكي بإلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام جاء في سياق أزمة حقيقية تهدد القطيع الوطني، وتُحتم تضامناً جماعيًا من أجل تجاوزها بأقل الخسائر الممكنة. وقد تجاوبت فئات واسعة من المجتمع مع هذا القرار النبيل، وأطلقت مبادرات مواطنة لدعمه، منها حملات تحسيسية على وسائل التواصل الاجتماعي، وبلاغات لجمعيات حماية المستهلك، ودعوات للحد من اللهفة الاستهلاكية.
غير أن الإشهار التجاري المُفرط، والعروض المغرية في المراكز التجارية، تقوّض هذه الجهود وتُفرغ الرسالة من مضمونها، بل وتُرسخ لدى المواطن شعورًا بالتناقض بين الخطاب والممارسة.
هل نعيش ازدواجية في الخطاب؟ وهل تسعى بعض الجهات لركوب موجة “الطلب الخفي” على طقوس العيد لتسويق سلعها، ولو على حساب الصالح العام؟
إن المرحلة تتطلب قدرًا عاليًا من الانسجام بين مختلف المتدخلين: الإعلام، والفاعلين الاقتصاديين، والمجتمع المدني، والسلطات المعنية، لتكون الرسالة واضحة، والقرار محترمًا، والمصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
تعليقات ( 0 )