بقلم سيداتي بيدا
من رمال السمارة الهادئة، وتحت سماء تزدان بالشهب والنيازك، خرجت حورية باشيخ، تلميذة لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة، لتصنع لنفسها، ولمدينتها، ولوطنها، مجدًا علميًا ساطعًا في الفضاء العربي. “بنت زمور”، كما يلقّبها أهل الجنوب، فجّرت مفاجأة علمية من العيار الثقيل بعد أن اختير مشروعها ضمن أفضل 10 مشاريع عربية في مسابقة “الفضاء مِدّاك” التي نظّمتها وكالة الفضاء السعودية بمشاركة أزيد من 80 ألف طالب وطالبة من مختلف الدول العربية.
في زمن يُقاس فيه التقدّم بالإبداع والابتكار، قدّمت حورية مشروعًا مدهشًا بعنوان: “زراعة النباتات في بيئة الفضاء”، حيث اقترحت تجربة زراعة بذور العدس في ظروف تحاكي الجاذبية الصغرى. فكرة تبدو خيالية للبعض، لكنها نابعة من عقل طموح، يرى أن تأمين الغذاء في الفضاء ضرورة ملحّة لنجاح مهمات الاستكشاف البشري للكواكب الأخرى.
هذا التتويج العربي لم يكن مفاجئًا لمن يعرف شغف حورية بالعلوم. فقد نشأت في بيت يُؤمن بالعلم، تحت إشراف والدها مولود باشيخ، مؤسس جمعية “هدايا السماء للشهب والنيازك”، والتي تُعد من المنارات العلمية النادرة في الجنوب المغربي. داخل هذه الجمعية، تشبّعت حورية بحب الفلك والبحث والاكتشاف، وبدأت رحلتها نحو النجوم من مختبرات بسيطة، لكنها غنية بالحلم والإرادة.
واليوم، تقف هذه التلميذة الصحراوية شامخة في سماء التميّز، بعدما أصبح مشروعها مؤهلاً للتنفيذ الفعلي على متن محطة الفضاء الدولية (ISS) ضمن مهمة AXIOM MISSION AX4، ليحمل اسم المغرب عاليًا في رحاب الكون الفسيح.
إن حورية باشيخ ليست مجرد تلميذة متفوقة، بل رمزٌ حيّ لقدرة أبناء الصحراء على اقتحام ميادين العلوم الكبرى، وتأكيدٌ أن الذكاء والابتكار لا يعرفان حدودًا جغرافية. من السمارة إلى الفضاء، قصة حورية تُلهم جيلاً كاملاً من الفتيات والفتيان بأن الحلم حين يُزرع في أرض العزيمة.. يُثمر في مدارات النجوم.
تعليقات ( 0 )