جاري التحميل الآن

دهاليز الأحد : ابنة الخياط صارت موديليست

عبدالرحيم الشافعي- كاتب صحفي-المغرب

رائحة العرق على القميص الممزق جعلت ابنة الخياط تتسلل الى السطح…

 

لا يزال يعيش تحت سقف العشوائيات بكاريان الهراويين، وهو خياط بسيط كان يرفض السماح لأي مخلوق أن يتطلع الى وجه ابنته الحسناء، لأنها ابنته الوحيدة، وثمرة حبه الوحيد، لقد أعجبتني بشكل قاتل، لا أحب شيئا كما أحب تقطيع ملابسي…

على أي حال فقد حدث مساء يوم السبت، الذي اقيم فيه عرس ابن الجيران الذي نام على سرير مستعمل، نام المسكين على جلطة دماغية القلب، أخمدت نار الذكر ليلة الدخلة، والمفروض أن ينتحر أو يفعل شيئا كهذا، إذ لم يثبت عذرية الزوجة صبيحة يوم الأحد. وأذكر أنه بعد منتصف الليل، أن الغرفة الوحيدة التي باتت مضاءة هي غرفة الخياط وغرفة المنكوب زواجه. كنت أسكن حينها في عش على السطح، بإمكانك أن ترى من هذا المكان الزوجان يتعاركان في غرفة النوم، و الشمعة المضاءة في براكة الخياط…

قطع الزوج ملابسه البيضاء وعلقها على قصبة طويلة ورقيقة، اللعنة. كانت لسروال الليلة الكبيرة…الملطخ بالدم، رمز العذرية والشرف…، و هل ما زلت العذرية في زمن يتم فيه ترقيع غشاء البكرة بخيوط جراحية قابلة للذوبان…، خيط الخياط كان رفيعا…لم تعمل الة الخياطة جيدا عندما حاولت ابنته ترقيع ملابس الزوج في غياب ابيها الخياط…

كان الزوج المنكوب يعمل مصم أزياء رفيع المستوى تبا لي، لم أرى فتاة بهذا الجمال من قبل، كانت الفتاة ذات السادسة عشر من عمرها، تقيس كل ما يخيط والدها من ملابس لبنات الحي، تم تستعرض نفسها، امام مراة معلقة على باب دولاب منكسر، لم يكن باستطاعتي أن أرى في هذا المكان سوى ليالي الدخلة لأبناء الحومة، و أنوثة ابنة الخياط, كنت أسمعهم يصرخون محدثين ضجة كبيرة في البراكة المجاورة، انها ليلة الدخلة….

كيف حال الزوج المنكوب ؟

خرج عاريا يحمل قميصه الأبيض الممزق على القصبة، مكان رمز العذرية.

ضاعت رجولته…

اجتمع الناس واستحال يصرخ ويسب ويشتم و كأنه مخمور سأل الناس …عن ؟ فاختفت الزوجة…

اللعنة، كانت من ضحاياه أيام العزوبية…

كانت ابنة الخياط تراقب كل شيء من ثقب الباب، فانتظرت حتى تفرق كل شيء، فراحت تتسلل في صمت بدون أن يراها أحد، فالتقطت القميص الممزق من على الأرض، حاولت ترقيعه بخيط والدها الرفيع، فوخزت أصبع خاتم الزواج بإبرة …

سحقا. رائحة العرق على القميص الممزق جعلت ابنة الخياط تتسلل الى السطح….

بعد منتصف ليلة برد قارس، سمعت صراخ أنثى يأتي من غرفة صديقي المجاور في أعلى السطح ، صراخ حنين على ايقاع الزمن، ظننت للحظة أن فتاة مسكينة من بنات الحومة، في قبضة صديقي المغتصب، وفجأة أنقطع صوت الصراخ، وعم الهدوء في الجوار…كهدوء الغابة عند الخطر… و لم يتبقى إلا نباح كلاب…

إنها الكلاب الوفية…

في الصباح استيقظت على زغاريد النساء و ايقاع البنادير والطعاريج… فسرقت النظر من براكتي الصغيرة…فرأيت الناس تقدم التهاني للخياط، كانت ليلة العمر لصديقي في الجوار، بعدما تشممت ابنة الخياط رائحة العرق في القميص الممزق، الذي رقعته بخيط والدها الرفيع، فقاست القميص كعادتها امام المرآة…فأظفرت بالمقاس و صارت ابنة الخياط، زوجة المصمم موديليست…

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك