رحيل الشيخ أبو إسحاق الحويني.. صوت الحديث الذي لن يغيب

حسيك يوسف

بقلوب يعتصرها الحزن، ونفوس مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعت الأمة الإسلامية اليوم الشيخ الجليل أبو إسحاق الحويني، بعد رحلة حافلة بالعلم والجهاد في سبيل نشر السنة النبوية. لم يكن الشيخ مجرد عالم حديث، بل كان رمزًا للصدق في الدعوة، وحارسًا أمينًا لتراث النبوة، يجاهد بلسانه وقلمه في الذود عن صحيح الدين وتنقيته من البدع والمحدثات.

وُلد الشيخ الحويني عام 1956 في قرية حوين بمحافظة كفر الشيخ بمصر، ومنذ صغره نهل من معين العلم، فكانت وجهته إلى الحديث النبوي الشريف، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء، وفي مقدمتهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي كان له الأثر الأكبر في تكوينه العلمي.

كرّس الشيخ حياته لخدمة السنة النبوية، فكان شعاره الدائم “العودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة”، وكان بحق منارة علمية تشع نورًا في زمن اشتدت فيه الفتن وكثرت فيه الشبهات. جاب البلاد شرقًا وغربًا، محاضرًا وموجهًا، فترك إرثًا علميًا زاخرًا من الكتب والمحاضرات، التي ستظل تروي عطش الباحثين عن الحق لسنوات طويلة.

لم يكن الشيخ مجرد محاضر أو خطيب، بل كان داعيةً يصل كلماته بقلوب الناس، يبسط لهم المفاهيم المعقدة، ويجعل السنة النبوية حاضرةً في حياتهم اليومية. خطبه ومواعظه التي لطالما هزت المنابر وأثرت في القلوب ستظل شاهدة على إخلاصه وصدقه.

رغم رحيله، سيبقى أثره خالدًا، في دروسه المسجلة، ومؤلفاته القيمة، وتلاميذه الذين حملوا راية العلم من بعده. وسيبقى صوته يجلجل في المساجد، وفي صدور طلابه، وفي كل قلب اهتدى بكلماته وعاد إلى الله بسبب موعظته.

اليوم، تبكيك المنابر، وتفتقدك ساحات العلم، ولكن عزاؤنا أنك تركت وراءك ميراثًا عظيمًا من الخير، وها نحن نردد معك: “رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء”.

نسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)