سرقة ريبيري في مراكش.. حين تُختبر هيبة الأمن وصورة الوطن - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

سرقة ريبيري في مراكش.. حين تُختبر هيبة الأمن وصورة الوطن

IMG-20251028-WA0051

في الوقت الذي يواصل فيه المغرب ترسيخ مكانته كواحةٍ للأمن والاستقرار في محيطٍ مضطرب، تأتي حادثة سرقة النجم الفرنسي فرانك ريبيري لتضعنا أمام سؤال مؤلم: كيف يمكن لجريمة واحدة أن تُربك توازناً بناه الوطن على مدى عقود من الجهد الأمني والسياحي المتراكم؟

وقعت السرقة في إحدى الفيلات الفاخرة بضواحي مراكش، في منطقة هادئة تقع بين سيدي عبد الله غيّات وتسلّنت، حيث استغل الجاني غياب الضيوف لينفذ جريمته مستحوذًا على مجوهرات ومبالغ مالية مهمة قُدّرت بحوالي 800 ألف درهم مغربي.
وبفضل يقظة عناصر الدرك الملكي، تمّ تفكيك لغز القضية بسرعة لافتة، وتوقيف المشتبه به الرئيسي الذي اعترف بالفعل، لتُستعاد أغلب المسروقات وتُغلق الحلقة الأولى من التحقيق.

غير أن ما لا يمكن استعادته بسهولة هو الصورة الرمزية لمراكش كعاصمة للضيافة والأمان، تلك التي أصابها خدش واضح في أعين الإعلام الدولي، رغم سرعة تدخل السلطات المغربية ومهنيتها.

لا يمكن النظر إلى ما حدث كواقعة معزولة. إنها مؤشر على ثغرات أمنية هامشية قد تتحول إلى بؤر تشوّه سمعة البلد إن لم تُعالَج بحزم. فكل زائر يتعرض للاعتداء في أرضنا، هو في نظر العالم اختبار لمصداقية مؤسساتنا الأمنية، وكل حادثة تُتداول على نطاق دولي هي خصم من رصيد الثقة الذي راكمه المغرب لسنوات.

السياحة ليست ترفاً اقتصادياً، بل هي واجهة دبلوماسية تمثّل قيم المغرب وثقافته. ومن يعبث بأمن ضيف أجنبي إنما يعبث بصورة وطن بأكمله.

القبض على الفاعل لا يعني نهاية القضية، بل بدايتها الحقيقية. فالمطلوب اليوم هو مراجعة دقيقة لآليات الحراسة والمراقبة في المنشآت السياحية الخاصة، وتشديد شروط تشغيل العاملين فيها، خاصة أولئك الذين يُتاح لهم الوصول إلى معلومات حساسة عن المقيمين أو تحركاتهم.
إن الأمن ليس مسؤولية الدرك والشرطة فقط، بل مسؤولية مجتمعٍ واعٍ يرفض أن تتحول سمعته إلى ورقة في يد العابثين.

في هذه القضية، أثبتت أجهزة الأمن كفاءتها وسرعتها، لكن التحدي الأكبر هو الاستمرار في الردع. فكل من يظن أن شهرة الضحية قد تمنحه مجداً إعلامياً أو مكسباً مادياً، يجب أن يواجه عقاباً يجعل من قضيته درساً عاماً في سيادة القانون وهيبة الدولة.

لقد علّمنا التاريخ أن الدول لا تُقاس بما يقع فيها من جرائم، بل بما تفعله بعدها. والمغرب، كما عهدناه، بلدٌ يعرف كيف يحوّل الأزمة إلى فرصة، والخطر إلى يقظة، والخلل إلى إصلاح.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث