جاري التحميل الآن

سريلانكا تعلن إفلاسها ..ومليون دولار هو ما تبقى في خزينة الدولة

وكالات

“أب لطفلين توفي بسبب نوبة قلبية بعد نفاد الأدوية”، هكذا وصل الحال في سريلانكا، التي أفلست، وانهارت مظاهر الحياة فيها، ولكن المشكلة أن خطر تكرار أزمة سريلانكا يهدد عدداً كبيراً من دول العالم من بينها بلدان عربية.
وأزمة سريلانكا غير المسبوقة جعلت البلاد على شفا الانهيار، حيث ينام سائقو السيارات في كولومبو عاصمة البلاد وهم ينتظرون الوقود في طابور ملتوٍ عبر المدينة يصل طوله إلى ميلين ونصف، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Telegraph البريطانية.
ويدفع سائقو السيارات سياراتهم ببطء بالقرب من محطات البنزين. على أمل الحصول على إمدادات ضئيلة من البنزين عند وصول الشحنات بعد تأخير طويل.
ونجمت أزمة سريلانكا عن سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية. واليوم الجمعة، 27 مايو/أيار، تخلَّفت البلاد عن سداد ديونها لأول مرة – ديون البلاد تقدر بمبلغ حوالي 34 مليار دولار، في حين لا يزال لديها أقل من 1.3 مليون دولار متبقية في البنك المركزي.
في جميع أنحاء البلاد، يكافح المتقاعدون الذين احتفلوا باستقلال سريلانكا في عام 1948 ونجوا من الحرب الأهلية المدمرة التي استمرت 26 عاماً للعيش على حفنة واحدة من الأرز كل يوم. في وقت سابق من هذا الأسبوع، توفي أب لطفلين بسبب نوبة قلبية بعد نفاد الأدوية التي تنقذ الأرواح في المستشفيات.

خطر تكرار أزمة سريلانكا بدول أخرى يتزايد جراء حرب أوكرانيا
من غير المرجح أن تكون سريلانكا حالة معزولة، حيث إن خطر تكرار أزمة سريلانكا يواجه العديد من الدول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
إذ يحذر الخبراء من احتمال دفع مجموعة من الدول الأخرى إلى نقطة انهيار مماثلة حيث يعطل الهجوم الروسي على أوكرانيا الأسواق ويدفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
ستكون هناك تداعيات هائلة لأي سلسلة من الاضطرابات، وقد حث رجل الدولة الأمريكي المخضرم هنري كيسنغر هذا الأسبوع الغرب على البدء بشكل عاجل في مفاوضات للحفاظ على الوضع الراهن ووقف الحرب الأوكرانية التي تخلق “اضطرابات وتوترات لن يتم التغلب عليها بسهولة”.
إذا وقع انهيار اقتصادي واسع النطاق فإن ذلك قد يتطلب عمليات إنقاذ ضخمة من الغرب عبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وإطلاق موجة جديدة من الهجرة الدولية، حسب الصحيفة البريطانية.

12 دولة مهددة بسبب أزمة الديون
وفقاً للبنك الدولي، فإن التهديد حقيقي- مع وجود ما يصل إلى اثنتي عشرة دولة نامية في خطر. يقدر صندوق النقد الدولي أن 60% من البلدان منخفضة الدخل في جميع أنحاء العالم تعاني من ضائقة ديون أو بالقرب منها- ارتفاعاً من 30% في عام 2015.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أن جائحة كوفيد دفعت البلدان إلى اقتراض المزيد من الأموال، وجزئياً أيضاً إلى ارتفاع تكلفة خدمة الاقتراض بشكلٍ حاد.
وقالت الدكتورة فريدريك جريب، الخبيرة الاقتصادية في برنامج الغذاء العالمي، لصحيفة The Telegraph البريطانية: “يؤدي ذلك إلى تقييد قدرة الحكومات على معالجة المشكلات الجديدة، مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية. لدينا وضع ينخفض فيه الدخل، وترتفع الأسعار، وتُستَغَل فيه الحكومات، لذلك يتعرض السكان لضربات من الجانبين وفي نفس الوقت”.

ويجري صندوق النقد الدولي بالفعل محادثات مع مصر وتونس وباكستان بشأن صرف قروض عاجلة.
ووصف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الأربعاء، 25 مايو/أيار، الأزمة العالمية الحالية بأنها الأسوأ في البلاد منذ قرن. وأعلن أن حكومته ستبيع 10 من أكبر الشركات المملوكة للدولة والعسكرية، وتدرجها في البورصة بحلول نهاية هذا العام.
وقال مصطفى مدبولي: “نتوقع 130 مليار جنيه (7 مليارات دولار) من الآثار المباشرة، فضلاً عن 335 مليار جنيه (18.3 مليار دولار) من الآثار غير المباشرة، نتيجة ارتفاع أسعار السلع مثل القمح والنفط وحتى أسعار الفائدة”.
وقالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري إن بلادها تعاني من أسوأ أزمة مالية على الإطلاق. وتسعى البلاد للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لتجنب الإفلاس المالي العام، لكن هذا قد يعني الالتزام بإصلاحات لا تحظى بشعبية، بما في ذلك تجميد الأجور وخفض دعم الطاقة والغذاء.

دولة إفريقية على حافة الهاوية
في غضون ذلك، في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يقول محللون إن دولاً من بينها بوركينا فاسو ومالي وتشاد على حافة الهاوية.
يراقب الاقتصاديون كينيا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا عن كثب، وقد يضر خطر امتداد الاضطرابات بالاستقرار المالي لهذه البلاد. وفي الأسبوع الماضي، زاد سعر الإقراض الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.75%، وهي أعلى زيادة في ستة أعوام، لكبح جماح التضخم.
وفي أمريكا اللاتينية، تواجه السلفادور والأرجنتين أيضاً صعوبات متزايدة، بينما تعاني بيرو من أزمة أسمدة.

واستبدل رئيس البلاد، بيدرو كاستيلو، أربعة وزراء هذا الأسبوع، بعد أن فشلت الحكومة في إيجاد حل. في الشهر الماضي، رفعت البلاد أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في 13 عاماً للحد من ارتفاع التضخم، مما أدى إلى اضطرابات جماهيرية.
ويقدم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، فكرة عن حجم التحدي. تشهد 107 دول بالفعل واحدة على الأقل من ثلاث صدمات: ارتفاع أسعار المواد الغذائية أو ارتفاع تكاليف الطاقة أو تشديد الأوضاع المالية.
ومن بين الدول الـ69 التي عانت من جميع الصدمات الثلاث، هناك 25 دولة في إفريقيا، و25 في آسيا، و19 في أمريكا اللاتينية والمحيط الهادئ.

شبح المجاعة يلوح في هذه المنطقة المنكوبة
وقال رئيس برنامج الأغذية العالمي، بيسلي دافوس، هذا الأسبوع، إن تداعيات الحصار البحري الروسي لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود- حيث يتعفَّن ما يصل إلى 25 مليون طن من القمح حالياً في الصوامع- قد تؤدي أيضاً إلى مجاعات. وقال دافوس إن الملايين الآن “على شفا المجاعة”.
في حين أن اضطراب التجارة سيؤثر بشدة على دول مثل مصر وإندونيسيا وباكستان وبنغلاديش ولبنان- أكبر المشترين للقمح الأوكراني في عام 2020- فإن إفريقيا جنوب الصحراء هي الأكثر عرضة لخطر انعدام الأمن الغذائي نتيجة لذلك، وفقاً لنظام الإنذار المبكر من المجاعة.
وهذا يشمل الصومال وإثيوبيا، وكلاهما يعتمد على الواردات من روسيا وأوكرانيا، خاصة أن تراجع صادرات قمح البحر الأسود يأتي في خضم أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً في القرن الإفريقي.
في جميع أنحاء القرن الإفريقي، يواجه 15 مليون شخص الجوع الحاد، بينما تقدر منظمة أوكسفام وصندوق “أنقذوا الأطفال” أن شخصاً واحداً يموت بالفعل كل 48 ثانية.

 

 

 

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك