شهدت العاصمة المغربية الرباط نهاية هذا الأسبوع وقفة احتجاجية سلمية نظمتها التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز أمام مبنى البرلمان، في مشهد جسّد حجم المعاناة التي لا تزال ترخي بظلالها على آلاف الأسر المتضررة منذ الكارثة التي ضربت المنطقة في خريف العام الماضي.
رفع المشاركون في الوقفة شعارات تعبّر عن الاستياء من بطء وتيرة إعادة الإعمار، وطالبوا الحكومة بتسريع صرف التعويضات المالية المخصّصة لإعادة بناء المساكن المهدّمة، وضمان شفافية الإجراءات الإدارية المرتبطة بتدبير هذا الملف الحساس. وبين وجع الانتظار وطول المساطر، بدا صوت المواطنين أقرب إلى نداء للكرامة والإنصاف منه إلى مجرد احتجاج عابر.
وأكدت التنسيقية، في بيان وزّعته على وسائل الإعلام، أن العديد من الأسر لا تزال تقيم في مساكن مؤقتة تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، رغم الوعود الرسمية بتسريع وتيرة الإعمار. كما شدّد البيان على ضرورة تفعيل التوجيهات الملكية الداعية إلى إعطاء الأولوية القصوى للمتضررين، وتجنب أي تأخير يمكن أن يعمّق معاناتهم النفسية والاجتماعية.
من جهتها، تؤكد الحكومة المغربية أنها تعمل وفق مقاربة شمولية تراعي دقّة المسح الميداني وحصر الأضرار بشكل منصف، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه دون تسرّع أو محاباة. غير أن طول الانتظار وتراكم المعاناة جعل كثيرين يفقدون صبرهم، مطالبين بقرارات أكثر جرأة وسرعة في التنفيذ.
ويجمع المراقبون على أن ملف إعادة إعمار الحوز يشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على تحقيق التوازن بين دقّة التدبير الإداري وضرورة الاستجابة الإنسانية الملحّة، خاصة في ظل ما أبان عنه المواطن المغربي من روح تضامن استثنائية عقب الزلزال.
إنّ ما حدث أمام البرلمان ليس سوى صرخة جماعية تذكّر بأن التنمية لا تُقاس بالخطط والبيانات فحسب، بل أيضًا بسرعة الإنصات لآلام الناس والتفاعل مع احتياجاتهم الواقعية. فإعادة بناء الحجر، مهما كانت ضرورية، لا تكتمل إلا بإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
وفي انتظار أن تترجم الوعود إلى إنجازات ملموسة، يظلّ الأمل قائمًا في أن يتحوّل هذا الملف من ورقة ضغط اجتماعي إلى نموذج وطني في الحكامة والإنصاف، يبرهن على أن المغرب، مهما اشتدت أزماته، يظلّ قادرًا على النهوض من تحت الركام، شامخًا بإرادة أبنائه ووحدة صفه.


Comments
0