مع الحدث
منقول عن « رمضان الجميعي »
المواطن… ضحية لا تملك إلا أن تمضي حذرًا في أرضٍ تنذر بالخطر
في شوارع المدينة المتعبة تلك التي تتنفس الغبار وتعانق صمت الجدران القديمة، وفي حي عين الرحمة بالخصوص يسير المواطن كمن يمشي في حقل ألغام، لا يدري متى تندفع نحوه دراجة نارية كالسهم الطائش، أو يهاجمه عواء كلب جائع من زاوية الظل.
الدراجات_النارية… صرخة الحديد الطائش
ليست كل دراجة موتًا لكن كم من دراجة تحوّلت إلى سلاح؟عجلات صغيرة تسير بسرعة تفوق الحكمة، يقودها في الغالب شاب لم يتجاوز صباه، يظنّ الطريق ملعبًا، والسرعة بطولة. لا خوذة، لا رخصة، لا قانون… فقط صوت يشقّ الهواء، وزفير حار يخترق صدور الناس.
يمرّ أمام المدرسة فتضطرب قلوب الأمهات.
يخترق السوق فتتطاير قلوب العجائز.
يقفز بين السيارات كأنه لا يهاب الموت، ولا يعرف أن بين يديه حياةً قد تسقط بثانية طيش.
الكلاب_الضالة… حكايات الليل الغامض
وفي الطرف الآخر حين يغيب النهار، ويغفو الحذر في العيون، يبدأ الخطر الآخر بالعواء.
الكلاب الضالة… أولئك المساكين الذين أنجبتهم الأزقة، وربتهم النفايات، وعلّمتهم الخوف والعدوان.
ليست شريرة لكن الجوع حوّلها إلى كائنات مفترسة، والبرد جعل من لحم البشر حلمًا دافئًا.
يتسلّلون بين الازقة كالأشباح، يترصدون طفلًا يعود متأخرًا من درس، أو عجوزًا يحمل كسرة خبز في كيس.
عضّة واحدة تكفي لتشعل مأساة…
داء الكلب لا يمزح، والندم لا يعيد الزمن.
مواطن بين الخطرين… يبحث عن الحياة
ذاك المواطن الذي لا يحمل في يده سلاحًا، ولا يمتلك درعًا سوى صبره، يمشي بين هذين الخطرين، وهو يعرف أن القانون نائم، والمجتمع غافل، والمسؤول منشغل بخطابات الصباح.
هل يُعقل أن تصبح حياة الإنسان في وطنه رهن دراجة عابثة أو كلب جائع؟
هل ننتظر أن نُحصي الضحايا قبل أن نفيق؟
المسؤولية ليست كلمات في نشرة الأخبار، بل فعل حقيقي في الشارع، رقابة صارمة، وقلوب ترحم، وأيدٍ تمتد لتصنع الأمان.
في مدينة الطنطان رغم كل شيء، يجب أن يكون الأمن حقًّا لا حلمًا، وأن تُطفأ نار الدراجات الطائشة، ويُؤوى الكلب قبل أن يتحوّل إلى وحش.
فالإنسان في النهاية لا يطلب كثيرًا… فقط أن يسير آمنًا، من البيت إلى الرغيف، ومن النهار إلى المنام.
تعليقات ( 0 )