لهيب فوق الأرض ولهيب من السماء… عمال الورشات الطرقية في مواجهة صيف ملتهب!

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

في الوقت الذي يفرّ فيه المواطنون نحو الشواطئ أو ظلال الغابات والجبال هربًا من موجات الحرّ الخانقة، توجد فئة أخرى منسية تصارع الجمر كل يوم… إنهم عمّال أوراش الطرقات والبناء، الذين يشتغلون وسط ظروف مناخية قاسية، خصوصًا في المناطق الداخلية للمملكة التي تشهد ارتفاعًا مفرطًا في درجات الحرارة خلال فصل الصيف.


في مدن كالرشيدية، بني ملال، زاكورة، خنيفرة، ميدلت، تازة وقلعة السراغنة، تنطلق أشغال تهيئة الطرق الوطنية التي تربط بين هذه الحواضر منذ السابعة صباحًا، وغالبًا ما تمتد إلى غروب الشمس. طول النهار يُستغل لتعويض فترات التوقف خلال فصل الشتاء، لكن الثمن غالٍ: تعب متواصل، وحرارة خانقة، وظروف عمل تفتقر للحد الأدنى من وسائل الوقاية.

فرق تعبيد الطرق، على وجه الخصوص، يشتغلون فوق الإسفلت الساخن، تحت أشعة شمس لا ترحم، بلا ظل أو تكييف. ما يملكونه فقط: قبعات مهترئة، وزجاجات ماء سرعان ما تفقد برودتها في هذا الجحيم.
ولا يقلّ الوضع صعوبة في أوراش البناء، حيث يستمر المياومون في رفع القوالب وصبّ الخرسانة وسط غبار كثيف، تحت حرارة تتجاوز قدرة التحمل، في غياب شروط السلامة المهنية والتأمين الصحي.


وقد أشرنا في مقال سابق إلى عدد من المهن التي تعاني في صمت تحت شمس الصيف القاسية، لكن تظل مهن البناء وتعبيد الطرق من بين الأصعب والأكثر عرضة للمخاطر الصحية والمهنية.
وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة لهؤلاء الرجال، الذين يشتغلون في صمت، ويقدّمون جهدهم من أجل تسهيل حركة الناس وتشييد البنية التحتية، دون أن يحظوا بما يكفي من الاعتراف أو الحماية.
فهل تتحرك الجهات الوصية لتفعيل الرقابة على هذه الأوراش، وفرض تدابير تضمن الحد الأدنى من السلامة، خاصة خلال فصل الصيف؟ وهل تلتفت المقاولات بدورها إلى الجانب الإنساني في تدبير شؤون العمال، بدل الاكتفاء بسباق الإنجاز؟

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)