مظاهرات_السبت_والاحد_هل_هيصرخة غضب ام_مؤامرة_خارجية

# رمضان الجميعي 

#طانطان ـالوطية

شهد المغرب في اليومين الماضيين موجة من الاحتجاجات الشعبية التي تعكس حجم الغضب والاحتقان المتراكم في صفوف المواطنين. هذه التحركات لم تكن مفاجئة، بل جاءت كنتيجة طبيعية لمسار طويل من التهميش، الغلاء، وغياب العدالة الاجتماعية، وهي في جوهرها صرخة شعب أنهكته الأزمات وأغلقت في وجهه كل سبل الأمل.

إن ما يجري في الشارع المغربي اليوم لا يمكن تبسيطه أو تجاهله. إنه تعبير صادق عن أزمة شاملة، تتجسد أساسا في الانهيار الخطير للخدمات العمومية، وعلى رأسها قطاعا الصحة والتعليم، وهما الركيزتان الأساسيتان لأي دولة تحترم نفسها وشعبها.

الواقع الصحي في المغرب مؤلم ومحبط. فالمستشفيات العمومية تعاني من نقص مهول في المعدات والأطر الطبية، واكتظاظ خانق، وغياب الحد الأدنى من شروط الكرامة للمرضى. لا أحد ينكر أن المواطن البسيط، حين يدخل مستشفى عمومي، يشعر وكأنه في ساحة معركة: ينتظر لساعات، يطلب منه شراء الأدوية والأدوات الطبية من ماله الخاص، وأحيانا يترك ليواجه الموت دون أدنى تدخل.

هذا الوضع الكارثي لا يمكن أن يستمر. فالصحة ليست ترفا ولا خدمة تجارية، بل حق دستوري وإنساني يجب أن يصان، لا أن يباع لمن يملك المال.

فالتعليم العمومي اصبح اليوم منبرا للجهل بدل المعرفة. ، فقد تحول هو الآخر إلى مأساة وطنية. والمدرسة العمومية التي كانت يوما سلما للترقي الاجتماعي، أصبحت اليوم بيئة طاردة للتلاميذ، تغيب فيها الجودة وتنعدم فيها العدالة. أقسام مكتظة، خصاص في الأساتذة، مناهج متجاوزة، وبنية تحتية لا تليق بتكوين أجيال للمستقبل.

لقد أصبحت المدرسة العمومية مجرد محطة للعبور نحو الفشل أو الانقطاع، بينما تترك الفرص الحقيقية في يد من يملك القدرة على ولوج التعليم الخصوصي أو الجامعات الأجنبية.

والمواطن المغربي يعيش اليوم وضعا اقتصاديا خانقا. فالأسعار تواصل الارتفاع بشكل جنوني، والقدرة الشرائية تنهار، بينما الرواتب راكدة والبطالة تنخر جسد المجتمع، خاصة في صفوف الشباب.

فأي أمل يمكن أن يتمسك به شاب لا يجد وظيفة، ولا علاجا، ولا تعليما محترما، ولا حتى الحق في التعبير عن غضبه دون أن يتهم بالتحريض أو التآمر؟

فهل من مخرج؟

وفي اعتقادي ان الرسالة التي يحملها الشارع واضحة وصريحة: كفى من الصمت والتجاهل. كفى من التجميل الإعلامي للواقع. وكفى من السياسات الفاشلة التي لا تخدم سوى قلة من المحظوظين.

الشعب لا يطلب المستحيل. إنه يطالب بالكرامة، بالصحة، بالتعليم، بالعدالة، وبحياة تحترم فيها إنسانيته. وإن لم يتم الإصغاء لهذا الصوت الصادق، فإن المستقبل قد يحمل ما هو أسوأ.

#خلاصة_القول

ما يحدث اليوم يجب أن يكون جرس إنذار حقيقي. الدولة أمام لحظة فاصلة: إما أن تراجع نفسها بجرأة، وتصلح ما يمكن إصلاحه، وتضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، أو أن تستمر في طريق التجاهل والمكابرة، وهي طريق قصيرة لكنها خطيرة.

فشعب أنهكته الأزمات، وأغلقت في وجهه كل الأبواب، لا يمكن توقع صمته إلى الأبد.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)