وثيقة بيعة قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله
مع الحدث متابعة عادل الحصار
السلام على المقام العالي بالله دام له النصر والتمكين .
نعم سيدي أعزكم الله ونصركم
وبعد، تتشرف قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع بعد تقديم ما يلزم من فروض الطاعة والولاء للسدة العالية بالله، بنفوس مجللة بالحزن والأسى العميق على رحيل والدكم المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. فقد كان المرحوم رمزا شامخا عمل على ترسيخ الوحدة الوطنية وبناء دولة الحق والقانون بجد متواصل وعزم لا يلين، فدخل التاريخ من بابه الواسع بعلمه وأدبه وحنكته السياسته، كما تبوأ المكانة المثلى في قلوب شعبه، الذي افتقد فيه الأب الحنون والوطني الغيور والسياسي المحنك. فكان بحق المنارة التي بها يستدل، ورمزا منتصبا في طريق المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
وإذا كان مصابنا جللا، فإن عزائنا الأمثل في قوله تعالى : ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون” صدق الله العظيم.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
إلا أن سلونا وسلواننا مرتبطان باستمرار ظل السلالة العلوية الشريفة الوارف، في شخص جلالتكم دام له النصر والتمكين. فالأمل معقود على عهدكم للسير بمآثر أسلافكم المنعمين قدما، مهتدين في ذلك بشرف أرومتكم ونبل تربيتكم وموسوعية ثقافتكم، وثقتنا كبيرة في أن عهدكم سيكون فاتحة خير ويمن وبركة على الشعب المغربي.
* مولاي أعزكم الله ونصركم
إن قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع تتشرف بتجديد البيعة الجلالتكم إمتثالا لما ورد في محكم كتاب الله العزيز عند قوله تعالى: “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجرا عظيما. وتطبيقا لسنة جدكم المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ” من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية”.
والقبيلة إذ تقدم بيعتها اليوم الجلالتكم، إنما تسير على هدى الآباء والأجداد الذين عرفوا بوفائهم وتشبثهم بأهداب العرش العلوي المجيد، منذ المولى إسماعيل وإلى اليوم. بل إن جد القبيلة المؤسس عامر الهامل المكنى بأبي السباع الذي ينحدر نسبه من محمد بن مولاي إدريس الأزهر بن مولاي إدريس الأكبر مؤسس الدولة المغربية، عرف بمناصرته لأهل الإمامة بهذه البلاد المغربية، فهو قد عاصر الدولة المرينية ووالى أمراءها، كما والى أبناؤه من بعده دولة السعديين إلى أن بزغت شمس الدولة العلوية الشريفة، حيث ظهر من أبناء هذا الشريف العلماء والمجاهدون والطلبة من سدنة العلم الذين تشرفوا بخدمة العرش العلوي المنيف، وبادلوه وفاء بوفاء وحبا بحب.
وستبقى قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع وفية لبيعة جلالتكم، ومتفانية في تطبيق المقتضيات الشرعية لهذه البيعة بنفس القدر الذي يعتبر فيه أبناء هذه القبيلة أنفسهم جنودا مجندين وراء جلالتكم لما فيه خير البلاد وازدهارها وتقدمها والحفاظ على وحدتها الترابية من طنجة إلى الكويرة.
*مولاي أعزكم الله ونصركم
إن قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع تعتبر من القبائل القديمة بالمغرب، وقد صحت نسبتها إلى العترة النبوية الشريفة الطاهرة بإجماع علماء الأمة المغربية وإجماع علماء المسلمين.
وقد نهضت القبيلة في البداية بدور الرباطات الصوفية والأعباء التعليمية، ذلك ان بداية تبلور وبروز دورها الإشعاعي تزامن مع مرحلة المد الصليبي المتمثل في غزو البرتغال للثغور المغربية، فاستنفرت أفراد القبيلة الحمية الدينية والغيرة الوطنية للذود عن بيضة الإسلام، فرفعوا راية الجهاد في هذه الثغور بعزم لايلين (آزمور ،آسفي الصويرة آيت باعمران، الطويحيل بالساقية الحمراء ) .
وما أن أهل القرن الثالث عشر الهجري حتى كانت للقبيلة مدارس قائمة، فقد كانت القبيلة الوحيدة التي كان لها قصب السبق في إنشاء المدارس العلمية العتيقة في شمال المغرب وجنوبه ومن أشهرها مدارس السعيدات وأولاد عبد المولى وأولاد المؤمنة.
وكان هذا الإشعاع الثقافي والروحي يواكبه إشعاع تجاري وقوة حربية، وقد تولى آل عبيد السباعيون تحرير مجمل وثائق منطقة آدرار التمر .
هكذا جمعت القبيلة بين الزعامتين الحربية والزاوية وهو ما ساعد على تدعيم أسس الإسلام في غرب إفريقيا. وكمثال على هذا الدور الجهادي والإشعاعي ما قام به الشريف إبراهيم خليل السباعي بمنطقتي تشيت وتمبكتو، والشريف سيدي محمد ولد المختار السباعي الذي جاهد بفوتا جالون بغينيا والشريف إبراهيم السباعي بتوبا وكادي بغرب إفريقيا والشريف محمد المختار ولد عبد الوهاب السباعي الذي كان له تأثير على إمارة الترارزة والشريفة الغالية بنت إبراهيم السباعي بتيرس بالصحراء المغربية.
ومن مظاهر هذا الإشعاع الثقافي للقبيلة تخرج العديد من العلماء الأجلاء من المدارس السباعية كالعلامة محمد المختار السوسي الذي درس بمدارس السعيدات وقد تلقى علومه على يد العلماء الأجلاء: عبد القادر السباعي وسيدي الضو السباعي ومحمد بن عبد الله السباعي كما درس العلامة محمد محمود ولد السيد الفيلالي بمدارس أولاد عبد المولى، وقد تخرج على يد العلامة عبد المعطي السباعي. وقد اشتهر العالم سيدي محمد السباعي التشيتي بكثرة تلامذته ومنهم أهل مايابا الجكنيون.
كما ألف العالم سيدي محمد بن ابراهيم السباعي الملقب بالتكرور كتاب “البستان” الذي يؤرخ للدولة العلوية، وقد أمر بطبعه السلطان مولاي الحسن الأول.
وقد جاهد العالم سيدي محمد بن ساسي العزوزي السباعي ضد البرتغال، وسجن ففداه ملوك السعديين، وكان هذا العالم يجالسه ملوك السعديين ومن تلامذته سيدي غانم أحد صلحاء مدينة مراكش.
كما ساهم كثير من علماء أبناء أبي السباع في تدريس كثير من أبناء الوجهاء والأسر العلمية.
ومن ذلك تدريس العالم الجليل والمحدث بالمسجد النبوي الشريف الفقيه امبارك ولد السي الضوء السباعي البكاري خريج المدرسة السباعية بالسعيدات ببوحمادة بإقليم شيشاوة والذي حفظ القرآن الكريم للسلطان مولاي حفيظ العلوي بمراكش قبل أن يتدخل له العالم الكبير أحمد شمس واسطحابه إلى الديار المقدسة التي بقي فيها محدثا بالمسجد النبوي إلى أن وافته المنية تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته. وكذلك تدريس العالم الجليل الشيخ أحمد بن الحضرمي السباعي لجل أبناء الشيخ ماء العينين وتدريس أهل سيدي محمد لأهل محمد سالم المجلسيين.
ونتيجة لإتساع مجال الإشعاع الثقافي والروحي لهذه القبيلة، فإن صلحاءها منتشرون عبر البلاد المغربية من أدناها إلى أقصاها، حيث نجد على سبيل التمثيل لا الحصر :
_سيدي محمد بن ابراهيم السباعي بفاس _سيدي محمد بن عيسى الفهدي بمكناس _سيدي المختار بجوز مراكش
_سيدي مكدول بالصويرة
_سيدي أعلي ولد عبد القادر السباعي بتمنارت
_سيدي محمود ولد سيدي علي البكاري السباعي دفين دكالة
_سيدي بابا المعروف بسيدي بيبي) بمنطقة بلفاع نواحي أكادير بسوس
_سيدي عبد الله بزمور سيدي عامر
_وسيدي عمران ببلدة القصابي بواد تون أولاد بسباع السبعة بالساقية الحمراء
_سيدي السباعي بالخنيفيس
_سيدي مبارك السباعي بغينيا الشيخ أحمد والسباعي دفين البكة بالسينغال.
*مولاي أعزكم الله ونصركم
إن هذا الإشعاع الممتد وهذا الحضور الفاعل ينطبق عليه ما قاله العلامة الشيخ ماء العينين بن وقد امتد هذا الإشعاع إلى المجال الطبيعي، حيث ساهمت القبيلة في إحياء الأرض بحفر الآبار وغرس المزارع، وهي القبيلة الوحيدة التي تملك أرضا في اسمها وقد أقر السلطان مولاي عبد الرحمان سيدي عامر وسيدي عمران ران ببلدة لقصابي بواد نون أولاد بسباع السبعة بالساقية الحمراء سيدي السباعي باخنيفيس سيدي مبارك السباعي بغينيا الشيخ أحمد والسباعي دفين انبكة بالسينغال.
الشيخ محمد فاضل بأن أولاد أبي السباع هم قنطرة البقاع.
بن هشام بظهير شريف هذا الملك أرض تغسريت وبوجمادة بحوز مراكش / عمالة شيشاوة) هذا فضلا عن أراضيهم الشاسعة بكل من آيت السبع وميسور بناحية فاس، ومنطقة أولاد سيدي عبد الله بأم الربيع وأرض أولاد النومر بسوس، وأرض الرويس بنواحي أكادير كما تركوا آثارا شاهدة عليهم بكل من منطقة أردال وأمريكلي بمنطقة الساقية الحمراء، ودومس بوادي الذهب وأكجوجت بإينشيري و أجريفية بعمالة بوجدور الخ….
*مولاي أعزكم الله ونصركم
إن وقوف قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع إلى جانب العرش العلوي المجيد، هو إستمرار لما رسخه أجدادنا الذين دافعوا عن حوزة هذا الوطن في أحلك فترات تكالب القوى الإستعمارية عليه،
خاصة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن العشرين، فقد خاضت القبيلة معارك جهادية حامية الوطيس ضد قوات الاستعمار الإسباني وأذنابه بكل من رأس بوجدور وخليج الداخلة ورأس أركين، الشيء الذي أخر احتلال المنطقة إلى حدود الثلاثينات من هذا القرن كما وقف أبناء القبيلة باستماتة أمام قوات الزحف الفرنسي في معارك غسرمت والحوض وأنواذيبو وأم التونسي وكدية الجل، إلى غير ذلك من المعارك التي قدموا فيها شهداء عديدين وبرز فيها مجاهدون سباعيون مرموقون كولد صنبه المعروف بالطرنيش وأبناء الشيخ المختار وبابا ولد باري وغيرهم كثير.
وعندما تمت سيطرة الإستعمار على البلاد المغربية ظلوا بمنأى عن النصارى، منعزلين في زواياهم العلمية، يأبون التعامل معهم أو الخضوع لسلطتهم، الشيء الذي همشهم سواء في المناطق التي كانت تحت الإحتلال الفرنسي، أو تلك التي كانت تحت الإحتلال الإسباني وسواء داخل المملكة المغربية أو في بلدان غرب إفريقيا.
ولعل هذا يشكل سبب إقصاء إسبانيا لهم من تعداد سنة 1974 بالصحراء المغربية، وذلك راجع بالأساس إلى المكانة التي يحظون بها في الأوساط البيضانية في الصحراء المغربية وبلاد شنقيط نظرا لنبل أخلاقهم وشرف ارومتهم وقوتهم الاقتصادية، وتأثيرهم الكبير في الرأي العام المحلي والجهوي.
*مولاي أعزكم الله ونصركم
إن هذه القبيلة التي عرفت بدورها الإشعاعي والروحي والجهادي، لم تكن لتتأخر عن مواكبة الحركة الوطنية خاصة عندما امتدت أيادي الإستعمار الغاشم إلى رمز السيادة المغربية جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وخلد في الصالحات ذكره، حيث قاموا بعمليات فدائية بمراكش والدار البيضاء والطنطان والعيون وتجندوا في وحدات جيش التحرير حيث شهدوا معارك العركوب والدشيرة وتكل إلى جانب بقية القبائل الصحراوية المغربية المجاهدة.
و لم يقتصر المجهود الجهادي على رجال القبيلة فقط بل ساهمت المرأة السباعية بخياطة القرب ومعالجة الجرحى والمعطوبين وتأجيج حماس المجاهدين وتثبيت عزمهم.
وعندما عاد المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفى، كان أعيان هذه القبيلة في مقدمة القبائل المستقبلة والمبايعة وفاء لعهد الأجداد، وبقوا مناوئين للإستعمار بالأقاليم الجنوبية، إلى أن ارتأى جلالة المغفور له الحسن الثاني ملك الزمان وباني المغرب الحديث بحنكته وبعد نظره وجنوحه الدائم إلى السلم تنظيم المسيرة السلمية الخضراء نحو أقاليمنا الجنوبية المغتصبة فلبي أبناء القبيلة النداء عن بكرة أبيهم، فساهمو نساء ورجالا من مختلف المدن والمداشر والقرى في إنجاح المسيرة الخضراء معجزة القرن العشرين.
*مولاي أعزكم الله ونصركم
بالنظر إلى شرف أرومة هذه القبيلة المتأصل ، وإلى دورها الإشعاعي الثقافي والروحي والجهادي ومساهمتها في الحركة الوطنية ودعم بناء الدولة المغربية المعاصرة والمشاركة في التنمية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة الشريفة، فإن من الحيف أن يتعرض غالبية أفراد هذه القبيلة للإقصاء من حقهم في التسجيل في اللوائح المقدمة للمينورسو قصد تحديد هويتهم، خاصة وأنهم يشكلون نسبة هامة من سكان الأقاليم الشمالية للمملكة، هذا فضلا عن توفر العلاقات المتواصلة وروابط الدم والقرابة بينهم وبين أبناء عمومتهم بكل من الصحراء المغربية وموريتانيا. وقد كانت هذه القبيلة سباقة إلى إحياء هذه الروابط الدموية بين شمال المغرب وجنوبه، وذلك بإقامة موسم الطويحيل بالساقية الحمراء بجوار أضرحة أجدادهم أبناء أبي السباع السبعة، والذي كان يمثل عرسا وحدويا قل نظيره.
من هنا فإن أفراد القبيلة متشبثون بحق كل واحد منهم في تسجيل نفسه ضمن لوائح المؤهلين للمشاركة في الإستفتاء التأكيدي المغربية الصحراء.
كما تؤكد فعاليات القبيلة على أن إجراء الإستتفتاء مرهون بمشاركة كافة أبناء القبيلة بل وبمشاركة كل أبناء القبائل الصحراوية المغربية بدون استثناء. وماعدا هذا الخيار فإننا نعتبره مخلا بالمصالح العليا للوطن، وسببا من أسباب التفرقة والفتنة ليس إلا.
وقد استبشرت قبيلة الشرفاء ابناء أبي السباع خيرا بإعلان جلالتكم المفدى عن تشكيل لجنة خاصة تعنى بقضايا الأقاليم الجنوبية ونحن إذ نثمن هذه الخطوة غاليا فإننا نعلن استعدادنا الخدمة الأعتاب الشريفة بالمشاركة الفعالة في هذه اللجنة والسير بأهدافها النبيلة إلى الآفاق الرحبة التي تطمحون لها وماهذه المبادرة المولوية السامية إلا فتح للأبواب أمام مشاركة أبناء الأقاليم الجنوبية في تدبير شؤونهم وخدمة وطنهم عبر توظيف أبناء هذه القبيلة وفعالياتها المثقفة والحاملة للشواهد العليا هذه الفئة الواعية بدورها الوطني وواجبها الوحدوي المقدس.
*مولاي أعزكم الله ونصركم
أطال الله عمركم وخلد في الصالحات ذكركم وحف بعنايته التي لا تنام خطواتكم، وحقق فيكم آمال شعبكم وما يتطلع له أبناء أمتكم وجعلنا دوما عند حسن ظنكم متفانين في خدمة عرشكم وأقر عينكم بعضدكم ورسنكم الأمير الجليل مولاي الرشيد، وباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة إنه سميع مجيب وبالإجابة جدير.
والسلام على المقام العالي بالله
وحرر بالرباط بتاريخ 27 رجب 1420 الموافق 6 نونبر 1999.
Share this content:
إرسال التعليق