قبل سنواتٍ كتبت مسرحية تافهة فاسدة أقول فيها أنَّ الذي يخافُ اللهَ لا يمْكنُ أن يحبَّهُ و كذلك الذي يطمع في جنة الله فهو لا يحبه ، و علَّلتُ هذا الجهل بشرع اللهِ و آياتهِ بقولِي :
إن قلب الإنسان لا يسعُ الحُبَّ و الخوفَ أوِ الحُبَّ و الطمع . ذلك لأنني وزنتُ الأمر بميزانِ الدُّنيا فقلتُ : إنَّ الذي نخشاهُ أو نطمعُ فيهِ لا يُمكنُ أنْ نُحِبَّهُ .
و هذا القولُ كُفر و شركٌ و كلام في غاية الخطورة و بدعَةٌ و ضلالةٌ . ذلك لأن القرآنَ الكريم يُؤمرنا جميعا بالخوف من الله و يُحذِّرنا اللهُ تعالى في كتابهِ المنير من معصيته و يُنذرنا بآيات العذاب كي نخشاهُ و نتِّقي نارهُ ، و قَدْ ذكر لنا و وصف لنا نعيم الجنة و عيونها كي نجتهد طمعًا و رغبةً في هذا النعيم و نُصليَ إليهِ و نعبدَهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، و أن نَتَّبعَ سُنَّة نبيِّهِ محمدٍ خاتم النبيئين و سنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدهِ حتَّى يَأتِينَا الموتُ بأمرهِ تعالى ، و آمرنَا ألَّا نبتدعَ في الدين أو نخالفَ الشرع أو نعطيَ رأيًا فيما شرعهُ من أحكام شرعية أو كونية أو قدرية أو نعترصَ على شيء من هذه الأحكامِ .
بل إن قوْلي الْأولُّ كذبٌ على الله و كلام بغير علمٍ و جهل بكتاب اللهِ و ضلال على النفس .
فَالخوف من الله سبحانه وتعالى عبادة ، و الطمع فيما عنده من خيرٍ و نعيم عبادةٌ ، و الطمع في جناتهِ عبادةٌ ، و الرجاءُ فيه عبادةٌ ، و التوكل عليه عبادةٌ ، و الشكوى إليه عبادةٌ ، و الذُلَّ إليه و الخُضوعَ لهُ عبادةٌ ، و الإستعانة به عبادةٌ ، و الإستعاذة بهِ عبادةٌ ، و نداؤهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ عبادةٌ ، و الصبر لحُكمهِ ، و الاستسلام لقضائهِ و الإيمان بقدرهِ كلِّهِ عبادةٌ ، و القناعةُ بعطائهِ عبادةٌ..
و لا يجبُ أن يصرِفَ العبد أي نوع من أنواع العبادة إلى غير الله عزَّ و جلَّ ، فلا يجبُ أنْ يُخْشَى إلَّا اللهُ و أنْ يُطَاعَ إلَّا اللهُ و أَنْ يُعْبدَ بالدُّعاءِ إلَّا اللهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، و لَا يَجِبُ أَنْ يُذْبَحَ لغيرِ اللهِ أَوْ يُسجدَ لغيرِ اللهِ ، و لا التوكل على غير اللهِ و لا الرجاء في غيره تعالى..
فهو مولانا و خالقُنا أجمعين و هو ربُّ كُلِّ شيء و مُدَبِّر كُلِّ أمرٍ ، بيدهِ حيواتنا و هو الذِّي يتوفَّنا و إليهِ نُحشرُ ، و هُوَ النَّافِعُ الضَّارُ ، و هوَ أحَقُّ من يَخْشى العبدُ ، و أحَقُّ من يَدعي العبدُ ، و أحَقُّ من يُعبد و لَا يُكفَرُ و يُطَاعُ و لا يُعصى ، و أحَقُّ من يجبُ التوكُّل عليهِ . إنهُ على كل شيء قدير .
و إنَّ خوفَ غير الله كذبٌ و باطلٌ و شركٌ مبينٌ ، و كذلك التوكل على غير الله و الاستعانة بغير الله ، و محبة المخلوق كَمحبَّةِ الله ( هو مولانا و خالقنا فكيف نجعل له نِدًّا نُحبُّهُ كحبِّهِ ؟! ) . بل إننا مؤمورون جميعا بحُبِّهِ تعالى و تباركَ محبةً تفوق محبَّة المخلوقين أجمعين ، محبَّةً تتعاظم و تتسامى في قلوبنا فتجعلنا نؤثر رضاهُ على هوى أنفسنا ، و مأمورون أيضًا بحب نبيِّنا الكريم خير الخلق أجمعين أكثر من حبِّ أنفسنا و من حبِّ آبائنا و أمهاتنا و أولادنا و أزواجنا..
بل على العكس فإن محبة الله عز وجل تقتضي تعظيمه و الخوف من عظمته و كبريائهِ و التقرب إليه بالدعاء و الرجاء و الخوف و الذُّلِ و التوكل عليه و إخلاص الدين له وحده لا شريك له ، و تقتضي طاعته بما شرعَ و طاعة نبيِّهِ .
و إني في مقالي هذا لَأتبرأُ من جميع ما قُلتُ و جميعِ كتبتُ قديمًا من مسرحيات و مقالات و قصص و أشعار فاسدة معارضة لكلام الله و شرعهِ ، داعية إلى عبادة غيرهِ ، مسبِّبةٍ سخطهُ تعالى و غضبهُ ، و إنِّي لأكَذِبُها و أصفها بالضلال البعيد ، بما في ذلك مسرحية ( ضوء الشتاء ) التي كتبتُ فيها هذا المقال .
إخواني في الله من سمع منكم رأيًا لي على لسان أحدكمْ أو رأى كتابةً من كتاباتي أو شعرا قديمًا أو غزلًا في امرأة أو مقالا شاركهُ أحدكمْ أو رأياً في صفحة أحدِكُمْ أو جريدة أو مجلَّةٍ ، فليعلم أنني بريئٌ منه و مكذِّبٌ لهُ و نادمٌ على كتابته و لاعنٌ له و ساخطٌ عليه و تائِبٌ منهُ و واصفٌ لهُ بالمنكر و الضلال .
و السلام عليكم
Share this content:
إرسال التعليق