فاجعة نفق سد المختار السوسي وفاة خمسة عمال وسط تساؤلات حول المسؤولية والإجراءات الوقائية

عماد وحيدال

في حادث مأساوي هزّ منطقة تارودانت، لقي خمسة عمال مصرعهم نتيجة اختناق داخل نفق سد المختار السوسي جنوب المملكة، إثر انفجار إحدى قنينتي غاز وأكسجين أثناء قيامهم بأعمال صيانة صباح أمس. هذه الكارثة أثارت تساؤلات عديدة حول الإجراءات الوقائية والمسؤولية المباشرة.

دخل العمال النفق حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً لإجراء إصلاحات باستخدام أدوات تلحيم تشمل قنينتي غاز وأكسجين لإغلاق بعض الثقوب في الأنابيب. بسبب ضيق المكان وانتشار الغاز بعد الانفجار، امتلأ النفق برائحة خانقة جعلت من المستحيل على أي شخص النجاة أو محاولة التدخل السريع لإنقاذ الضحايا.

رغم محاولات رجال الإطفاء وعناصر الإنقاذ للوصول إلى العمال، إلا أن الرائحة القوية كانت عائقاً كبيراً أمام الدخول، مما أدى إلى تأخر عملية الإنقاذ لساعات طويلة. وبعد جهود مضنية، تمكنت فرق الإنقاذ من استخراج جثث الضحايا فجر اليوم، لكن هذا الحادث يطرح علامات استفهام حول جاهزية الأجهزة المعنية لمواجهة مثل هذه الكوارث.

الحادث يسلط الضوء على نقاط ضعف واضحة في الاستعداد اللوجستي والوقائي لجهاز الوقاية المدنية. لماذا لم يتم توفير المعدات الكافية لحماية رجال الإنقاذ من استنشاق الغاز؟ ألم يكن من الممكن تجنب هذه المأساة لو توفرت التجهيزات اللازمة؟

كما أن إدارة السد تتحمل جزءاً من المسؤولية، حيث كان ينبغي اتخاذ احتياطات صارمة لمنع إدخال أدوات خطرة كقنينتي الغاز إلى النفق. ألا توجد بدائل آمنة للتلحيم في مثل هذه الأماكن الضيقة؟

من جهة أخرى، لا يمكن إنكار الجهود الكبيرة التي بذلتها عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة وفريق منجم الزكندر، بالإضافة إلى متطوعين، في محاولة إنقاذ العمال. هذه الجهود تعكس روح التضامن والمسؤولية، لكنها تظل محدودة بسبب غياب الوسائل المناسبة.

هذا الحادث يجب أن يدق ناقوس الخطر حول ضرورة تعزيز تجهيزات فرق الوقاية المدنية بالمعدات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الكوارث. كما أنه يحمّل إدارة السد مسؤولية مراجعة إجراءات السلامة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي.

في النهاية، يظل التساؤل قائماً: هل كان بالإمكان إنقاذ حياة هؤلاء العمال لو توفرت التجهيزات والإجراءات الوقائية المناسبة؟ حادثة سد المختار السوسي ليست مجرد مأساة إنسانية، بل هي درس قاسٍ يستوجب مراجعة شاملة للإجراءات والسلامة في المشاريع الوطنية الكبرى.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)