الشهب الصناعية بين الأعراس المغربية و المدرجات : فرجة خطيرة تهدد الأرواح

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

لم تعد الشهب الصناعية مجرّد عرض جمالي يزين سماء المهرجانات الكبرى تحت إشراف مختصين وبحضور الوقاية المدنية والأمن والدرك، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة مقلقة تنتشر في الأعراس والتجمعات العشوائية وحتى في الشوارع والميادين. أضواء خاطفة قد تثير الدهشة للحظة، لكنها في الحقيقة صواريخ نارية تنطلق وسط حشود مكتظة لا تراعي فيها أبسط شروط السلامة.

ولعل ما وقع مؤخرًا في حي المطار بالناظور يقدم مثالًا حيًا على هذه الفوضى. بينما كنا نحتسي فناجين القهوة في هدوء، دوّت فجأة أصوات انفجارات في السماء القريبة. في البداية اعتقدنا أن الأمر يتعلق بعرض رسمي منظم على الكورنيش، تزامنًا مع مهرجان الشواطئ، لكن سرعان ما ظهر الدخان الأحمر يتصاعد من شارع على بعد أمتار منا. المشهد كان صادمًا: مجموعة من الشباب يطلقون الشهب الصناعية من وسط الطريق، فيما آخرون يتسابقون بسيارات ودراجات نارية ذات محركات قوية، غير عابئين بخطورة ما يفعلون، ليتضح لاحقًا أنهم ليسوا ألتراس مشجعين لفريق كروي، بل مجرد معازيم في عرس اختاروا تحويل الشارع إلى ساحة استعراض ناري.

مثل هذه التصرفات ليست مجرد تهور عابر، بل قنابل موقوتة تهدد حياة الناس. فإطلاق الشهب الصناعية في أماكن مكتظة دون ترخيص رسمي ولا إشراف أمني أو تقني يشكل خطرًا مباشرًا على الأرواح والممتلكات. الشرارة الواحدة قادرة على إشعال ملابس أو ستائر أو حتى سيارات متوقفة، لتتحول لحظة فرح إلى مأساة.

إن استعمال الشهب الصناعية يحتاج إلى ترخيص مسبق، وحضور فرق الوقاية المدنية والأمن والدرك، واختيار مكان آمن بعيد عن التجمعات السكنية، تمامًا كما يحدث في المهرجانات الكبرى. غير أن ما نراه اليوم في الشوارع والأعراس يُظهر حجم التسيب وغياب الوعي بخطورة هذه المواد، التي لا تُعد وسيلة للزينة فحسب، بل مواد متفجرة تستدعي حذرًا ومسؤولية.

وما مأساة الدار البيضاء سنة 2023، حيث فقد شباب حياتهم بسبب مفرقعات استُعملت بطيش، إلا جرس إنذار ينبهنا إلى أن تكرار مثل هذه الحوادث وارد جدًا إن لم يتم وضع حد لهذه الظاهرة.

الفرح الحقيقي لا يحتاج إلى صواريخ نارية عشوائية، بل إلى وعي يحفظ الأرواح، واحترام للقانون، ومسؤولية جماعية تجعل من لحظات السعادة لحظات آمنة، لا شرارات قد تحرق القلوب مدى الحياة.


شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)