حسيك يوسف
في مشهد يتكرر كثيرًا بالمغرب، يجد المواطن نفسه مرة أخرى في موقع الضحية بدل أن يكون محميًا بالقانون. هذه المرة، القضية تتعلق بالدراجات النارية الصغيرة من فئة 49cc، التي اقتناها مواطنون من نقاط بيع مرخّصة، ببطائق رمادية رسمية، وباعتقاد كامل أنها قانونية… لكن المفاجأة كانت صادمة: متابعة هؤلاء بتهمة استعمال مركبات “غير مطابقة للمواصفات”.
المفارقة أن المواطن لم يُدخل أي تعديل أو تغيير على دراجته، بل اقتناها كما هي من السوق، ومع ذلك وجد نفسه متّهَمًا وكأنه خارج عن القانون. فكيف يعقل أن تُباع دراجات في محلات مرخّصة، وبوثائق رسمية مختومة، ثم يُعاقَب المشتري بدل محاسبة من أدخلها إلى السوق؟
المسؤولية الموزعة.. والمواطن الحلقة الأضعف
الحقيقة أن المسؤولية مشتركة:
المستوردون الذين جلبوا دراجات لا تحترم المعايير.
إدارة الجمارك التي سمحت بولوجها دون تدقيق كافٍ.
السلطات الوصية التي منحت التراخيص التجارية لنقاط البيع.
مراكز الفحص التقني التي لم تكشف عن الاختلالات.
وبين كل هذه الحلقات، يبقى المواطن المغربي هو الأضعف، يدفع الثمن من جيبه وسمعته، ويتحوّل من “مستهلك حسن النية” إلى “مخالف للقانون”.
أين الشجاعة للاعتراف بالخطأ؟
اليوم، وبعد أن انفجرت هذه القضية، على السلطات الوصية أن تتحلّى بالشجاعة الكاملة، وتعترف بالتقصير في حماية المستهلك المغربي، وتقدّم اعتذارًا رسميًا للمواطنين الذين تعرضوا للظلم. كما يجب أن يُفتح تحقيق وطني شامل يحدد المسؤوليات، ويُحاسب كل من سمح بمرور هذه الدراجات المخالفة إلى السوق المغربي، مع تحميل المستوردين كامل المسؤولية عن التلاعب بالمواصفات والوثائق.
حماية المستهلك أولوية لا تُؤجَّل إن أكبر درس من هذه القضية هو أن المستهلك المغربي بحاجة إلى حماية حقيقية، لا شعارات. حماية تبدأ من التشدد في المراقبة عند الاستيراد، مرورًا بصرامة أكبر مع الباعة، وصولًا إلى تقوية دور جمعيات حماية المستهلك في فضح هذه التجاوزات والدفاع عن حقوق المواطنين.
القانون يجب أن يُطبَّق على الجميع، لكن العدالة تقتضي أن يُحاسب الفاعل الحقيقي، لا أن يُترك المواطن الشريف ضحية لمنظومة رقابية متهاونة.
تعليقات ( 0 )