النقل عبر التطبيقات بين صراع الأغلبية والمعارضة… والمواطن هو الخاسر الأكبر

حسيك يوسف

تعيش الساحة السياسية المغربية هذه الأيام على وقع أزمة جديدة بين مكوّنات الأغلبية والمعارضة، بعد قرار رئيس الحكومة عزيز أخنوش تكليف و وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، الاستقلالي عبد الصمد قيوح، بمهمة مراقبة الدراجات النارية.

ورغم أن هذا القرار يدخل في إطار ضبط الفوضى المرورية، إلا أنّه فجّر جدلاً واسعًا أعاد إلى الواجهة سؤال الجرأة السياسية في مواجهة الملفات الحقيقية التي تهمّ حياة المواطنين.

غياب الجرأة في تقنين النقل عبر التطبيقات

ففي الوقت الذي تنشغل فيه الأغلبية والمعارضة بتبادل الاتهامات وتسجيل النقاط السياسية استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة، ما زال ملف النقل عبر التطبيقات الذكية (Uber، yango، InDriver وغيرها) يراوح مكانه. هذا القطاع أصبح أمرًا واقعًا في كبريات المدن المغربية، حيث يلجأ إليه المواطنون يوميًا، لكنه يظل خارج أي إطار قانوني منظم.

غياب التقنين فتح الباب أمام “شرع اليد”، حيث يعتبر سائقو الطاكسيات هذه التطبيقات تهديدًا مباشراً لمورد رزقهم، فتتكرر مشاهد الاعتداءات والتكسير والمطاردات.

تطاحنات انتخابية ضيقة بدل إصلاح شامل

المؤسف أن النقاش السياسي لا يتجه نحو صياغة قانون عصري ينظم القطاع، بل ينحصر في صراعات ظرفية تعكس اقتراب العد التنازلي للاستحقاقات البرلمانية. فبدل أن تتوحد الجهود لإخراج إطار قانوني واضح يضمن المنافسة الشريفة ويحمي السائقين والمستعملين والاقتصاد الوطني، تنغمس الأحزاب في تجاذبات هدفها تسجيل المكاسب الانتخابية لا غير.

كلفة اقتصادية واجتماعية

الفوضى الحالية لا تؤثر فقط على السلم الاجتماعي، بل تستنزف كذلك خزينة الدولة. فالمداخيل الضريبية المحتملة من تنظيم هذا القطاع تضيع على الدولة، بينما المستفيد الأكبر هم شركات التطبيقات الدولية والعاملون بشكل غير مهيكل. في المقابل، يجد المواطن نفسه أمام خدمة غير مضمونة، وغياب تام للحماية القانونية سواء في حالة الحوادث أو الخلافات.

متى تتحقق الجرأة السياسية؟

القضية أكبر من مجرد صراع بين الأغلبية والمعارضة، بل تتعلق بقدرة الفاعل السياسي المغربي على مواجهة التحديات الحقيقية التي تهم حياة المواطن. المطلوب ليس فقط مراقبة الدراجات النارية، بل إخراج قانون شامل للنقل عبر التطبيقات يوازن بين مصالح مختلف الأطراف، ويضع حدًا لعالم الفوضى والعنف الذي أصبح يهدد الأمن الاجتماعي.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)