جاري التحميل الآن

*كلمــة وزيــر العــدل عبــد اللطيــــف وهبــي، رئيـــــس وفـــد المغرب بمناسبــة فحــص التقريـــر الوطنـــي برســم الجولــة الرابعــة مــن آلية الاستعــراض الــدوري الشامــل*

متابعة البشير الدار البيضاء.

الثلاثــاء 08 نونبــر 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس حقوق الإنسان؛
السيدات والسادة أعضاء فريق العمل المعني بالاستعراض الدوري الشامل؛
أصحاب السعادة والمعالي؛
حضرات السيدات والسادة.

يطيب لي، في بداية الحوار التفاعلي حول التقرير الوطني للمملكة المغربية برسم الجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل، أن أتقدم باسم وفد بلادي بالتهنئة إلى السيد فولكر تورك «Volker Türk” لتعيينه مفوضا ساميا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأجدد التأكيد، بهذه المناسبة، على حرص المملكة المغربية على تعزيز التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بما يخدم قضايا حقوق الإنسان.
كما أتوجه بالشكر والتقدير للسيد رئيس مجلس حقوق الإنسان وللسيدات والسادة أعضاء فريق العمل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، على جهودهم لدعم الدول في الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان ومد جسور التعاون بينها.
وإذ أعبر عن خالص تقديري للدول التي أبدت اهتماما بالمسار الحقوقي للمملكة المغربية، أغتنمها مناسبة للتأكيد بأن بلادي بقدر ما تعتبر الحوار التفاعلي في إطار الاستعراض الدوري الشامل، فرصة حقيقية للوقوف على التقدم المحرز في الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، فإنها تتطلع إلى تقاسم تجربتها، واستلهام الممارسات الجيدة لدول أخرى في العمل بهذه الآلية التعاونية، بما يكفل رفع التحديات وتأمين الإعمال السليم لحقوق الإنسان.

حضرات السيدات والسادة؛

تولي المملكة المغربية اهتماما خاصا للتفاعل مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان ولتتبع تنفيذ الالتزامات المتمخضة عنها، وهو اهتمام تعكسه المقاربة المعتمدة في إعداد التقرير الوطني برسم هذا الاستعراض، والتي تميزت بالإشراك الواسع لمختلف الأطراف المعنية مركزيا وجهويا، حيث شمل المسار التشاوري في مرحلة أولى، وعلى الصعيد المركزي، القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والسلطة القضائية.
وتواصل هذا المسار، في مرحلة ثانية، باعتماد نفس المقاربة، بكل جهات المملكة، اعتبارا للأدوار والمهام التي يضطلع بها الفاعل الترابي، وخاصة الجماعات الترابية، التي يخولها القانون اختصاصات ترتبط بإعمال حقوق الإنسان. وقد تم تنظيم 12 لقاء تشاوريا، عرف مشاركة الجماعات الترابية والمصالح الخارجية للقطاعات الحكومية والسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وحوالي 634 جمعية مدنية، فضلا عن الجامعة ووسائل الإعلام.
وقد مكنت هذه المشاورات الجهوية، من مناقشة وإغناء التقرير الوطني من جهة، مثلما سمحت باستجلاء الخصوصيات الترابية، والممارسات الفضلى والتحديات، ودراسة سبل انخراط الفاعلين الترابيين في إعمال توصيات الاستعراض الدوري الشامل من جهة ثانية. كما تم عرض التقرير الوطني بمجلسي البرلمان، وناقش ممثلو الأمة مضمونه وأبدوا ملاحظات وقدموا توصيات بخصوص القضايا التي تناولها.
وتتميز التجربة الوطنية بالدينامية المتميزة لتفاعل جمعيات المجتمع المدني مع الاستعراض الدوري الشامل، إذ عرف رصدها لتنفيذ المملكة المغربية لالتزاماتها في إطار هذه الآلية زخما هاما، سواء من خلال تقديم حوالي 31 تقريرا موازيا لجمعيات المجتمع المدني الوطنية، تقدمت بها 10 جمعيات و21 ائتلافا لجمعيات، أو من خلال مشاركة أكثر من 19 فاعلة وفاعل جمعوي في الدورة القبلية لهذه الآلية خلال غشت الماضي، للترافع حول توصياتها.
كما واصلت المملكة المغربية تنفيذ التزامها الطوعي بتقديم تقارير مرحلية عن تنفيذ توصيات هذه الآلية، وهو ما مكن من تعبئة الأطراف المعنية بالتوصيات وانخراطها المستدام في التتبع والتنفيذ، والوقوف على الإكراهات والتحديات ذات الصلة.

حضرات السيدات والسادة؛

تعد حماية حقوق الإنسان والنهوض بها خيارا تابتا ولا رجعة فيه للمملكة المغربية، يجسد رؤية وتوجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وانسجاما مع هذا التوجه، عرفت الفترة المشمولة بالتقرير الوطني (2017-2022) تقوية انخراط المملكة المغربية في المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، حيث واصلت انضمامها للبرتوكولات الاختيارية للاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، كان آخرها إيداع وثائق الانضمام، خلال 2022، إلى كل من البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويترجم هذا الانضمام الإرادة العليا للدولة في تعزيز حماية حقوق الإنسان.
وعلى مستوى التفاعل مع هيئات المعاهدات، سجلت هذه الفترة انتظاما في تقديم التقارير الدورية المتعلقة بتنفيذ الاتفاقيات الدولية، بتقديم خمسة تقارير، بما فيها تحيين الوثيقة الأساس. وقد أجرت المملكة المغربية إثر ذلك، حوارين تفاعليين مع هيئتين للمعاهدات، الأول أواخر 2017 مع اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والثاني في منتصف 2022 مع اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.
وفي نفس السياق، زارت بلادنا اللجنة الفرعية لمنع التعذيب أواخر 2017، كما تواصل الانفتاح على آلية الإجراءات الخاصة باستقبال المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب خلال سنة 2018. وعقد لقاءات عمل مع فريق العمل المعني بالاختفاء القسري في نفس السنة ومع فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي خلال 2019. وقام وفد من خبراء اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين بزيارة للمملكة المغربية خلال شهر ماي 2022.
وتواصل المملكة المغربية، وفاء لنهج الانفتاح والتعاون، التنسيق مع آلية الإجراءات الخاصة، حيث وجهت دعوات للعديد منها لزيارة المملكة.
وفي سياق جائحة كوفيد 19، حرصت المملكة على التفاعل مع كافة الآليات الأممية لحقوق الإنسان، وهو ما ترجمه انفتاحها على اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب وعلى أزيد من 12 ولاية من الإجراءات الخاصة، تم تمكينهم من التدابير المتخذة وتزويدهم بالمعطيات ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان في سياق الجائحة.

حضرات السيدات والسادة؛

واصلت المملكة المغربية اتخاذ التدابير التشريعية والمؤسساتية تفعيلا للدستور وتنفيذا لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، حيث مكن اعتماد قانون جديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من تقوية اختصاصات هذه المؤسسة الوطنية وتعزيز أدوارها الحمائية، بإحداث ثلاث آليات وطنية لديها، وهي الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات والآلية الوطنية الخاصة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة. وقد اضطلعت هذه الآليات بالأدوار الموكولة إليها في مجال حماية حقوق الإنسان منذ إحداثها في 2018، وهي نفس السنة التي عرفت أيضا اعتماد قانون جديد للوسيط بوصفها مؤسسة متخصصة في مجال حقوق الإنسان. كما تعزز ذلك باعتماد القوانين المحدثة والمنظمة لهيئات دستورية أخرى، كهيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
وعلاوة على ذلك، حظي ورش تعزيز سيادة القانون والعدالة بالأولوية ضمن الإصلاحات الهيكلية التي تنهجها المملكة المغربية، وفقا للدستور، حيث تتواصل جهود تدعيم استقلال السلطة القضائية، تفعيلا لميثاق إصلاح منظومة العدالة، من خلال اعتماد القوانين المتعلقة بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة، وبالتنظيم القضائي، وتنظيم المفتشية العامة للشؤون القضائية، وتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، فضلا عن الشروع في تنفيذ المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة.
وعلى مستوى السياسة الجنائية، تم اتخاذ عدد من التدابير من بينها وضع إطار قانوني لتغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم، وتنظيم ممارسة مهام الطب الشرعي. وتحظى مراجعة كل من القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بأولوية خاصة، حيث يتواصل مسار هذه المراجعة، بما يمكن من ملاءمتهما مع مقتضيات الدستور والتزامات المملكة المغربية ذات الصلة. كما سيتم اعتماد مشروع قانون يتعلق بالعقوبات البديلة، يتوخى مواكبة تحولات الجريمة وتطور سياسة العقاب ومعالجة معضلة الاكتظاظ بالسجون.

حضرات السيدات والسادة؛

طبعت الأزمة المترتبة عن جائحة كوفيد 19 الفترة المشمولة بهذا التقرير. فكما هو معلوم، أحدقت أخطارها بالحقوق والحريات، فهددت الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في العمل، ومست الحق في التجمع وفي حرية التنقل، كما أعادت طرح الأسئلة الكبرى المتعلقة ببناء مجتمعات العدل والإنصاف، وهي قضايا جددت النقاش حول ضرورة تقوية أدوار الدولة في مجالات رئيسية كتعميم الرعاية الصحية والتغطية الاجتماعية وإعمال الحق في التعليم وفي الصحة، وفق معايير المساواة وعدم التمييز، وتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، بما يؤمن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وفي هذا الإطار، وبتوجيه وإشراف من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تميزت مقاربة المملكة المغربية في التصدي للجائحة بارتكازها على استراتيجية استباقية وشمولية تمحورت حول حماية الحقوق والحريات الأساسية، مع الاعتماد على الأبعاد الاجتماعية والتضامنية، وإيلاء الأهمية للفئات الهشة، فضلا عن سلوك نهج التضامن والتعاون على الصعيد الدولي، خاصة فيما يهم تأمين الولوج إلى اللقاح. وشملت هذه المقاربة الوطنية تسطير وتنفيذ برامج خاصة للتعافي من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، بذلت من خلالها الدولة مجهودا ماليا استثنائيا لدعم النسيج الاقتصادي الوطني للحفاظ على مناصب الشغل وتأمين إقلاع اقتصادي بعد فترة الجائحة.

حضرات السيدات والسادة؛

واصلت المملكة المغربية جهودها لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بحماية حرية الرأي والتعبير من خلال اعتماد قانون يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وتعزيز عمل المجلس الوطني للصحافة باعتباره هيئة للتقنين الذاتي لمهنة الصحافة، وعمل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، باعتبارها مؤسسة دستورية مستقلة تتولى مراقبة احترام قواعد التعبير، في إطار تعدد التيارات والآراء الفكرية.
وفي مجال الوقاية من التعذيب، وفضلا عن القوانين التي تم اعتمادها والمشاريع المتعلقة بمراجعة المنظومة الجنائية، تضطلع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمهامها النوعية من خلال القيام بزيارة أماكن الحرمان من الحرية، مما يمكن من دعم عمل القضاء في التحري والمتابعة بخصوص الانتهاكات المحتملة في هذا الشأن. وقد سجلت هذه الآلية الوطنية الحصيلة الإيجابية لتفاعل السلطات العمومية مع توصياتها بنسبة تتراوح بين 80% و 90%. بالإضافة إلى الاهتمام الخاص الذي توليه المؤسسات المكلفة بإنفاذ القانون للتدريب والتكوين والتكوين المستمر في مجال حقوق الإنسان.
وفي نفس السياق، تواصل المملكة المغربية جهودها الداعمة لتعميق النقاش العمومي حول إلغاء عقوبة الإعدام، فبعد وقف تنفيذ هذه العقوبة في الممارسة لفترة تناهز ثلاثة عقود، تعزز التشريع الوطني بتقليص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، من خلال قانون القضاء العسكري الذي خفض عددها من 16 إلى 5 حالات. ويلعب إجراء العفو الملكي دورا هاما في تقليص هذه العقوبة بتحويل العديد من حالات الحكم بالإعدام إلى السجن المؤبد أو المحدد المدة.

حضرات السيدات والسادة؛

تؤكد المعطيات الميدانية النوعية المتعلقة بحريات التظاهر السلمي والاجتماع وتأسيس الجمعيات الزخم الهام الذي تعرفه ممارسة هذه الحريات، وذلك رغم تزامن الفترة المشمولة بالتقرير مع الجائحة وما فرضته من تدابير استثنائية. وفي هذا الصدد، حرصت السلطات العمومية على حماية وتأطير حرية الاجتماع التي تخضع لنظام التصريح، بما يأمن التوازن بين احترام حقوق الإنسان وحفظ الأمن والنظام العام.
وسيمكن استكمال الإصلاحات التشريعية التي تباشرها المملكة المغربية والمتعلقة بملاءمة الإطار القانوني المتعلق بحريات الاجتماع وتأسيس الجمعيات مع أحكام الدستور، من تعزيز البيئة الحاضنة لممارسة هذه الحريات، والتي تعرف تحديات كبرى في سياق التحولات الرقمية المتسارعة، مرتبطة أساسا بتحقيق التوازن بين حرية ممارسة الحقوق والحريات وصيانة حقوق الأفراد والمؤسسات.

حضرات السيدات والسادة؛

حرصت المملكة المغربية على الارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والحقوق الفئوية، بما يكفل الإنصاف والمساواة ومساهمة الأفراد في التنمية ويحقق الاستدامة، وهو ما تعزز بمواصلة العديد من البرامج والاستراتيجيات الإصلاحية في مجالات التعليم والصحة والشغل والبيئة والثقافة.
كما تقوت الأوراش الإصلاحية الرامية إلى جعل الإنسان في صلب التنمية باعتماد المملكة المغربية نموذجا تنمويا جديدا، ساهمت في إعداده كافة مكونات المجتمع ومؤسساته من خلال استشارات موسعة، مكنت من تشخيص معمق لوضعية التنمية بالمملكة، وأفضت إلى وضع أسس ومرتكزات نموذج يقوي التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق الاختيارات الاستراتيجية الثلاثة: 1) ترسيخ الديمقراطية وتمكين المواطنين من المشاركة في تدبير الشأن العام؛ 2) تعزيز العيش بكرامة في مجتمع منفتح ومتنوع وعادل ومنصف؛ 3) تعزيز استثمار اقتصادي ذي قيمة مضافة، يستثمر بشكل مستدام ومسؤول.
وتنكب المملكة المغربية على تفعيل برنامج توسيع التغطية الاجتماعية من أجل تعميمها على جميع المغاربة. وسيساهم هذا الورش الهام الذي تم الشروع في تنزيله ابتداء من يناير 2021، في الترسيخ الفعلي للحقوق الاجتماعية.
كما يتواصل تنفيذ المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم 2019-2023، التي تروم تعزيز المكتسبات وبناء المستقبل من خلال التصدي لمعيقات التنمية البشرية، وذلك باعتمادها لأربعة برامج تهدف إلى تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، والدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
وفي سياق التعافي من آثار الجائحة والاضطرابات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، خاصة تلك المرتبطة بالطاقة والغذاء، حرصت المملكة المغربية على تقوية شبكات الأمان الاجتماعي من خلال تعزيز برامج وآليات خاصة كبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي وصندوق التكافل العائلي والبرنامج الخاص بمحاربة آثار الجفاف، فضلا عن تعزيز الميزانيات المخصصة للقطاعات الاجتماعية وللفئات الهشة.
وفي إطار الحوار الاجتماعي الذي حرصت المملكة المغربية على مأسسته، تتواصل بانتظام جولات الحوار الاجتماعي، حيث تم إعداد ميثاق وطني للحوار الاجتماعي، يؤطر النقاش حول مختلف القضايا، كممارسة الحريات النقابية ودعم وتحسين القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين وتحسين ظروف العمل.
كما واصلت المملكة المغربية جهودها للارتقاء بأوضاع المرأة في أفق تحقيق المساواة بين الجنسين وبلوغ المناصفة. ولهذه الغاية، تم إيلاء الأهمية القصوى لحمايتها من كافة أشكال العنف، حيث تم اعتماد القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وتعزيز بنيات الاستقبال والتكفل بالنساء ضحايا العنف على الصعيد الترابي، لتيسير ولوجهن إلى العدالة.
ويعتبر إعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، الذي تم توقيعه خلال 2020، تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم، مبادرة رائدة تتعبأ في إطارها جهود مختلف الأطراف المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة، مما مكن من وضع معايير موحدة لجودة خدمات التكفل بالنساء ضحايا العنف ومن بلورة وتتبع تفعيل بروتوكول ترابي في هذا الشأن، وتنفيذ مبادرات تهم القضاء على زواج الأطفال ومناهضة الهدر المدرسي.
كما تتواصل الجهود للنهوض بالتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة وتعزيز مكانتها في مراكز القرار، وهي أهداف مشتركة للبرامج والاستراتيجيات القطاعية، تتم برمجتها وتنفيذها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

حضرات السيدات والسادة؛

حرصت المملكة، انسجاما مع الثوابت الجامعة التي كرسها الدستور، خاصة الخيار الديمقراطي، على تأمين دورية الانتخابات بتنظيم الانتخابات التشريعية الجماعية والجهوية بتاريخ 8 شتنبر 2021. وقد عرفت هذه الاستحقاقات ارتفاعا ملحوظا لنسبة المشاركة، مقارنة بسابقتها، رغم ظروف جائحة كوفيد 19، وحظيت بتتبع 5020 ملاحظا وطنيا ودوليا، أكدوا إجراءها طبقا للمعايير الدولية ذات الصلة.
وعلى إثر ذلك، جعل برنامج الحكومي 2021-2026، من الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات قضايا أفقية رئيسية ومشتركة لكافة القطاعات، وحدد أهدافا واضحة، تلتزم الأطراف الحكومية المعنية بتحقيقها في إطار من التنسيق والتكامل.
كما التزمت الحكومة في برنامجها بمواصلة ورش التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان من خلال تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، اعتبارا لراهنية الأوراش والبرامج التي تناولتها من جهة، وللتوجهات التي حددها النموذج التنموي الجديد الذي تم إقراره، وللإصلاحات التي تمت تقويتها في سياق الأزمة الصحية المتعلقة بكوفيد 19، من جهة ثانية.
حضرات السيدات والسادة؛
تتطلع المملكة المغربية لمواصلة إسهامها في المجهود الدولي للارتقاء بأوضاع الإنسان، بتكثيف تفاعلها مع مجلس حقوق الإنسان وآلية الاستعراض الدوري الشامل، تشبتا منها بالأهداف النبيلة لهذه الآلية، وحرصا على تقوية طابعها التعاوني. ولن تدخر جهدا في أن تجعل منها رافعة للارتقاء بأداء المؤسسات.
ويشكل هذا المنحى خيارا أساسيا للمملكة المغربية، ما فتئت تعمل على تقويته، سواء من خلال حرصها على إشراك البرلمان ومجالس الجهات في مسار التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل، أو إطلاق مبادرات دولية وإقليمية حول هذه الآلية. ولعل اللقاء الموازي الذي نظمته المملكة المغربية مع دول أخرى والمنظمات دولية غير الحكومية متخصصة على هامش الدورة الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان أسطع دليل على ذلك.
وباعتبارها بلدا حظي للمرة الثالثة بعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2023-2025، وانسجاما مع تعهداتها الطوعية التي قدمتها بمناسبة ذلك، تجدد المملكة المغربية التأكيد على الأهمية البالغة للاستعراض الدوري الشامل كفضاء يدعم انخراط الدول في الآليات الأممية لحقوق الإنسان ولتبادل التجارب بينها لرفع التحديات المرتبطة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وسيبقى وفد بلادي رهن إشارتكم لمزيد من البيانات والتوضيحات اللازمة التي من شأنها أن تعكس جهود المملكة المغربية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
وفي الأخير، أتمنى أن يكلل هذا الحوار التفاعلي بالنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك