شعب و ملك في جسد واحد« روح التضامن المتجذرة في المغرب» 

هند بومديان

التضامن في المغرب ليس مجرد شعار، بل هو واقع يومي يعكس العلاقة العميقة بين الملك والشعب. هذه العلاقة، التي تشكلت عبر التاريخ، تجسد مفهومًا فريدًا من التلاحم الوطني، حيث لا تُختزل أدوار الحاكم في السياسة فحسب، بل تمتد لتشمل الرعاية الاجتماعية والدعم المباشر للفئات الهشة.

الملك.. أبٌ للأمة قبل أن يكون حاكمًا

لطالما كان الملوك العلويون على مر التاريخ قريبين من الشعب، لكن في العهد الحديث، تعزز هذا القرب ليصبح تضامنًا فعليًا وملموسًا. ورأينا كيف أن الملك محمد السادس لم يتردد يومًا في التدخل شخصيًا في الأزمات التي مرت بها البلاد، من الكوارث الطبيعية إلى الأزمات الاجتماعية. وهذه الرؤية الملكية لم تظل حبيسة القصر، بل امتدت إلى ولي العهد الأمير مولاي الحسن وأخته الأميرة للا خديجة، اللذين لم يترددا في مشاركة المواطنين معاناتهم عبر مبادرات إنسانية تهدف إلى التخفيف من آثار الفقر والهشاشة.

التضامن في رمضان.. دفء العطاء في شهر الرحمة

مع حلول شهر رمضان، يعود التضامن ليكون العنوان الأبرز للحياة المغربية. فالشهر الفضيل ليس فقط مناسبة دينية، بل هو وقت تتجسد فيه القيم الإنسانية بأسمى معانيها. وهنا، تأتي المبادرات الملكية، كمبادرة “رمضان 1446″، التي أطلقها ولي العهد مولاي الحسن برفقة الأميرة للا خديجة، كمثال حي على هذا التلاحم. فمساعدة مليون أسرة مغربية على مواجهة غلاء المعيشة، وتوزيع المواد الأساسية، ليس فقط عملًا خيريًا، بل هو تأكيد على أن المغرب دولة تقوم على التكافل، وأن العلاقة بين الملك والشعب هي علاقة وجدانية عميقة، لا تحدها الرسميات.

عندما يصبح الشعب امتدادًا للعرش

إن تضامن الملك مع شعبه لم يكن يومًا اتجاهًا واحدًا. ففي كل الأزمات، كان المغاربة يهبون للدفاع عن وطنهم وملكهم. من حملات التبرع بالدم في الأوقات الحرجة، إلى الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة الأزمات الاقتصادية، يثبت المغاربة دائمًا أن علاقة العرش بالشعب ليست علاقة حاكم بمحكوم، بل هي علاقة جسد بروح، حيث الملك هو القلب النابض لهذا الجسد، والشعب هو الأوصال التي تمنحه الحياة.

درس للعالم في التلاحم الوطني

في وقت تعاني فيه العديد من الدول من فجوة بين الشعوب وحكامها، يظل المغرب استثناءً، حيث يتجسد مفهوم “ملك الفقراء” ليس فقط في الخطابات، ولكن في الميدان، حيث نرى أفراد الأسرة الملكية ينزلون بأنفسهم لملاقاة المواطنين، ومساعدتهم، والاستماع إليهم. وهذا التضامن، الذي لا يعرف تمييزًا ولا حدودًا، هو ما يجعل المغرب بلدًا فريدًا بنسيجه الاجتماعي وروحه الجماعية.

إن “شعب وملك في جسد واحد” ليست مجرد عبارة متداولة، بل هي عقيدة راسخة في وجدان المغاربة، تظهر في المواقف الصعبة قبل الأيام العادية، وتؤكد أن سر قوة هذا الوطن يكمن في وحدته، حيث التضامن ليس اختيارًا، بل هو جوهر الهوية المغربية.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)