إسراء القلب و معراجه
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
إسراء القلب و معراجه
من لطائف المولى أن يجعل الأنفس تهفو إليه بين الطمع و الرجاء و بين الخوف و الامل ، لعل ما يتلطف به عليك سبحانه نعمة الاصطفاء ، فيقطع سبحانه كل أسباب التعلق بالمخلوق كي يصنعك له ، لأنك قصير البصر و البصيرة قد تظنه انه يعجّزك و يبتليك غير أنه سبحانه يخليك من كل طاقة سلبية تكدر طريق الاصطفاء و يخلي عنك كادورات الأهواء فيخبرك في قوله ” و اصطنعت لنفسي ”
نعم ، الله تعالى يصطنعنا له ، يبعثنا على قدر يجعلك موسويا كي تدعو فرعون نفسك ان لا يتكبر، و أن يترك يأس البرايا ترحل فلا يأكل قلبك ،
تشمر روحي و تتأهب لتقطع بحار السلوك من ضفة البؤس الى ضفة البهاء، أن اكون موسويا بعد العودة من رحلة مدين لأقول ، رب اشرح لي صدري و يسر لي امري و احلل عقدة من لساني يفقه قولي و اجعلي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به ازري و اشركه في أمري كي نذكرك كثيرا و نسبحك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا ” ، بل تقطع اوصال الاستعباد الى ركن شديد من درب العبودية ، فيحصل القرار و تكون الاستجابة مستجيبا مجيبا ” قد اوتيت سؤلك يا موسى ” جابرا مجبرا خاطري لأنه سبحانه و تعالى يعلم حلاوة الجبر بعد اليأس ،
يفرح سبحانه لفرح و عودة عبده من مذلة الاستعباد الدوني الى عزة العبودية ، فيرفعه لدرجة المضطر، و يجيب دعاءه ويلبي نداءه ، بل يقدر قدر الاصطفاء و التحلية بعد التخلية و يكتب أجر الصبر وحلاوة الجبر
يعلمني سبحلنه قانون جبر الخواطر عن عباده ، فمن سعى بين العباد جابرا للخواطر ادركه المولى في جوف المخاطر ومن كان في عون أخيه كان المولى في عونه و جعل كل أمنياته محققه بإذن الله
أن أكون موسويا هو أن أعلم علم اليقين ان الله لن يتخلى عني سواء في اوج قوتي او في اوهن ضعفي ، بل أرى عين اليقين و بكل ثقة انه سبحانه يرعاني و بذلك تتجلى العطايا التي تبهر ، تبهر بجميل لطفه و عظيم رعايته و فضله ، وتبهرني بخير كرمه بعدما كاد القنوط ان يخنق انفاسي وتدخلت عناية الله لتسير الامور بحكمته و على افضل حال من التي كنت تمنيتها من قبل
إن الثقة بالله تعالى اجمل طاقة أشحن بها هالتي و احصن حقلي المغناطيسي الذي يحيط بي ، فيكون فيه تجلي طاعة الله ورضى الوالدين والرضى بما بين يدي ،
أحس بروح تنهال علي فتجعلني ذو عزة فاردد ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” فالتذلل بالدعاء أعظم عزة ينزلها المولى على قلب عبده كي يتلطف عليه من لطائفه ” قل ما يعبا بكم ربي لولا دعاؤكم”
والخير كل الخير عند استشعار معية المولى معي ، فيكون العطاء رائعا نديا بهيا طريا كطراوة اشراقة شمس الأصيل بعد يوم مغاث بغيث الندى المشرق جمالا وحضورا وتألقا ، اشراقة شمس ربيع القلوب الدافئة بذكر المولى و التي تعطي نظارة لوجوهنا بنسمات الهواء العليل الباعث لفيحاء العطر الفواح بحب المولى ملوحا لنا في الافق بتباشير القرب
للهفة قلبي وقع و إيقاع يجرس في النفوس جرسا موسيقيا تستقي من قلوب الأحبة ، فترتوي ذواتهم المحتفيه لذة الوصال و متعة جمال عوالم الاتصال فتأنس و تستأنس ثم يكون الحمدلله الذي يحيي القلوب بعد مماتها .
بالوصال تغمرني هذه الحياة و بجمالها و دلالها وأتلذذ بصبابتها و عشقها فتتجدد الرغبة عندي في الحياة و تشرق اشراقة أمل جديد في يوم سعيد فأتزود بالعلم السديد والحكم الرشيد كي أكون منارا لكل شخص قام يردد اصبحنا واصبح الملك لله ، و أبعث روح الحياة في كل شخَص
نعم ، أبعث الخير في كل شَخص يجعلهْ يزيل قِنآع اليأس لينآل رِضى المحبوب ، و لكي يسقط عَني كُل الحواجز التي تعيق دربي لأنها روحي و روحي تهفو الى السلوك
أَعشق روحي لأن روحي من روح الله بل أحمل روحي على راحتي و ارتقي بها في عوالم الجلال و الكمال ، فأبلغ مقام المعراج بعد اسراء روحي في جوف ليل القيام و في لذة قيام الليل ، معراج روحي يبلغني سدرة المنتهى فيحصل الوجد و يحصل الاختراق دونما احتراق
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق