ابتسام لعلاوي.. ريشة تتنفس الحياة و تنثر البهجة


ابتسام لعلاوي.. ريشة تتنفس الحياة و تنثر البهجة

✍️ هند بومديان

في قلب مدينة الدار البيضاء، ولدت الموهبة التشكيلية ابتسام لعلاوي، فنانة عصامية اختارت أن تجعل من اللون أداة للتعبير ومن اللوحة مساحة لبوح الذات واحتضان الطبيعة.

 

لم تتلقَّ تكوينًا أكاديميًا في الفن، لكنها آمنت أن الشغف أقوى من الدرس، وأن الرغبة الصادقة في التعبير كفيلة بأن تخلق فنانًا يبحث، يجرب، ويتطور. شرارة الفن اشتعلت في روحها منذ الطفولة، حين كانت تمضي ساعات في محاكاة الطبيعة وتلوينها بريشة بريئة، غير أنها انقطعت لسنوات طويلة قبل أن تعود إلى هذا العشق في سنة 2015، حيث اقتنت أولى أدوات الرسم وبدأت رحلتها من جديد بلوحة جمعت بين تقنيات مختلفة، نالت استحسان من حولها، وكانت بمثابة انطلاقة محفّزة نحو الاستمرارية.

 

تتأثر ابتسام بالمدرسة الرومانسية والتكعيبية، غير أنها تميل إلى التجريب وتوظيف تقنيات متعددة، كالسحب اللوني وتقنيات مزج الألوان، بما يمنح أعمالها بصمة خاصة تعكس رؤيتها ومزاجها الفني. الألوان الزاهية هي خيارها الدائم، إذ ترى فيها وسيلة لنشر الفرح وبعث الحياة في اللوحة، فيما تبتعد عن الألوان الداكنة التي لا تلامس ذوقها الداخلي.

 

تعمل ابتسام على خامات مختلفة: القماش، الخشب، الورق، وأي مادة تراها قابلة لأن تحمل الأثر الفني، فيما تفضّل الأكريليك لمرونته وانسجامه مع تصورها التقني. وتؤمن أن كل لوحة هي مرآة لداخلها، تلخّص تجاربها الخاصة وتأملاتها في الطبيعة والكون.

 

أول معرض فردي لها كان بوابة نحو جمهور متنوع، التقى فيه الناس العاديون بالفنانين والنقاد، فكان لذلك أثر بالغ في تعزيز ثقتها ومواصلة مسارها، ليتوالى بعدها حضورها في معارض جماعية بمختلف المدن المغربية، من الرباط إلى الدار البيضاء، مرورًا بالقصر الكبير وسيدي بليوط، وحتى على هامش مهرجانات ثقافية وتربوية.

 

ولم تقتصر تجربتها على الحدود الوطنية، إذ شاركت في فعاليات دولية بفرنسا، تركيا، ومصر، حيث لقيت أعمالها تقديرًا خاصًا من جمهور يملك ذائقة فنية ويقدّر القيمة الجمالية للعمل التشكيلي.

 

رغم التحديات، تواصل ابتسام عطائها، متسلّحة بالإرادة، والمثابرة، والعمل الفردي، دون دعم مادي يُذكر. وتظل أبرز العقبات التي تواجهها هي ضيق الوقت، وصعوبة التفرغ التام للفن في ظل غياب التأمين المادي الكافي من هذا المسار.

 

ترى الفنانة أن الفن التشكيلي المغربي غني ومتنوع، لكنّه يفتقر إلى الاحتضان المؤسسي والتأطير الضروري، ما يجعل مسيرة الفنان مسعى فرديًا بامتياز. ورغم ذلك، لا تتوقف عن الحلم، إذ تستعد لتنظيم معرض فردي جديد يتمحور حول قضية مجتمعية عميقة، وترى أن الفن قادر على المساهمة في التغيير الراقي والهادف، كما أنه وسيلة لتربية الذوق الجمالي وتهذيب السلوك.

 

الفنانة ابتسام لعلاوي تمثل نموذجًا للفنان العصامي الذي جعل من الفن رسالة ووسيلة للتعبير عن الذات، وتحقيق التوازن بين الداخل والعالم الخارجي. لا تسعى وراء الشهرة بقدر ما تسعى لأن تترك أثرًا على ملامح العابرين إلى لوحاتها.

 

 

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)