تحولت الأعراس في مجتمع البيضان الصحراوي والموريتاني في السنوات الأخيرة من مناسبات للفرح والاحتفال إلى مسرح للتجاوزات الصادمة. فظاهرة “الگورديگنات”، هؤلاء أشباه الرجال الذين يتشبهون بالنساء ويستعرضون حركاتهم الاستعراضية في حفلات الزفاف، لم تعد مجرد موضة عابرة، بل تهديد صريح لقيم المجتمع الحساني وأعرافه المتجذرة منذ قرون.
الأعراس لم تعد مجرد مناسبة عائلية، بل أصبحت منصة لعرض سلوكيات مستفزة تنال من كرامة المجتمع وتسيء إلى ذوقه العام. ما يثير القلق ليس فقط التشبه بالنساء أو الرقص الاستعراضي، بل السرعة التي تنتشر بها هذه الظاهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح نموذجًا يُحتذى به، خصوصًا بين الشباب، مخاطرًا مستقبل الثقافة المحلية وأمان الأسرة والمجتمع.
المؤيدون لهذه الظاهرة يحاولون تبريرها تحت شعارات الحرية والتجديد، متناسين أن الحرية لا تعني الانفلات من القيم والتقاليد التي شكلت هوية المجتمع. بينما يراها المجتمع المحافظ إساءة صارخة للذوق العام وخروجًا عن الأعراف التي حمت مجتمع البيضان من الانحلال الأخلاقي لعقود طويلة.
إن السماح لهذه الظاهرة بالاستمرار دون رقابة أو وعي يشكل خطراً وجودياً. فالأعراس، التي كانت رمزا للوحدة العائلية والكرامة الثقافية، بدأت تتحول إلى عروض استعراضية تستفز الضمير الاجتماعي، وتقلل من مكانة القيم الأصيلة في نظر الأجيال القادمة. إذا لم يتحرك المجتمع سريعًا، فإن ما نراه اليوم سيصبح معيارًا مقبولًا، وستصبح الهوية الحسانية عرضة للتآكل.
التحذير صار واضحًا: المجتمع بحاجة إلى ضبط الأمور، وإعادة الاعتبار للأعراف التي تحمي كرامته وثقافته. يجب أن تتخذ الأسرة والمؤسسات الاجتماعية خطوات حاسمة لمنع هذه الظواهر من الاستفحال.
إن استمرار السكوت أو التهاون يعني السماح لانحدار القيم، وتدمير ما بناه الآباء والأجداد قرونًا طويلة.
الأعراس ليست مجرد فرح؛ إنها مرآة ثقافة وهوية المجتمع. ومن يستهين بهذه المرآة يضع المجتمع على طريق الانهيار. الحذر واجب، والوعي ضروري، والتدخل الحاسم صار مطلبًا أخلاقيًا قبل فوات الأوان.



تعليقات
0