تافراوت سارة صبري
أسدل الستار مساء السبت الماضي على الدورة الثامنة لمهرجان أناروز للواحات بتافراوت ، التي نظمتها جمعية شباب أفلا إغير للثقافة والتوعية في الفترة الممتدة من 17 إلى 23 غشت الجاري.. في هذا الصدد، قال مدير المهرجان عبد الواحد العسري في تصريح للصحافة بعد اختتام فعاليات المهرجان: “تميزت هاته الدورة بإقامة سهرات فنية كبرى كل ليلة تبرز عمق التراث الأمازيغي اللامادي مثل أحواش بنات اللوز تافراوت، ثم فرق أمازيغية سوسية وأطلسية (الأطلس المتوسط)، فضلا عن أنشطة أخرى مختلفة من بينها ندوات ولقاءات ثقافية ومسابقة للسباحة لفائدة الأطفال، وكذلك مسابقة للألعاب الإلكترونية”.
كما أشار عبد الواحد العسري إلى أن المهرجان عرف تطورا كبيرا ونجاحا جعل صيته يمتد على الصعيد الجهوي قائلا: “بالإضافة للإشعاع الجهوي الذي حققه المهرجان، نطمح لأن يتبوأ هذا المهرجان مكانة على الصعيد الوطني”؛ ويضيف: “يهدف المهرجان إلى إعطاء إشعاع للمنطقة والتسويق لجماعة أفلا إغير.. بالرغم من أن هناك بعض السلبيات والعراقيل التي تواجه المهرجان من بينها الطرقات الصعبة التي يجب أن ينتبه لها المسؤولون ويعملون على إصلاحها وتحسينها”.
من جهته قال الفاعل الجمعوي محمد صلوح بجمعية شباب أفلا إغير للثقافة والتوعية: “برمج المهرجان في هاته الدورة مجموعة من الحفلات الفنية إلا أنه لا يقتصر على ذلك فقط، إذ هناك أنشطة ذات بعد اجتماعي مثل قافلة طبية وأنشطة رياضية وثقافية، ومجموعة من المبادرات الجمعوية التي تهدف بدرجة أولى إلى إشعاع واحات أفلا إغير وإعطائها بعدا سياحيا”.
وأحيى مجموعة من الفنانين سهرات الدورة الثامنة لمهرجان أناروز مثل المجموعة السوسية الشهيرة أودادن، والفنان الشعبي عبد الله الداودي الذي أحيى حفل الاختتام.
كما ألهبت منصة مهرجان أناروز مجموعة لحسن أشيبان والرايسة عائشة تاشنويت ومجموعة خالد الوعباني ومجموعة إمدوكال تافراوت والرايسة فاطمة تاشتوكت، والرايسة مينة تيوريت ومجموعة أتاران.
وكان المهرجان فرصة لالتقاء أبناء المنطقة مع المفكر الأمازيغي أحمد عصيد الذي حضر المهرجان، ولم تخل اللقاءات معه من نقاشات مفيدة في صالح الأمازيغية التي عٌرف بشراسته في الدفاع عنها.
كما حضر المهرجان بعض أعيان المنطقة والمهتمين بالثقافة الأمازيغية بالإضافة إلى أبناء الناحية من داخل المغرب وخارجه، وهي فرصة يتيحها المهرجان لتعزيز الارتباط بأرض تافراوت الساحرة بجبالها الشامخة.. كما عرف المهرجان تكريم مجموعة من الشخصيات من بينهم المايسترو عبد الله الفوا، قائد مجموعة أودادن عقب حفله ضمن فعاليات هاته الدورة.
وكانت مجموعة أودادن فاكهة هاته الدورة لما تحمله من مكانة وخصوصية على صعيد الأغنية الشعبية بالمغرب عموما وفي منطقة سوس على وجه الخصوص، إذ صعدت المجموعة على الخشبة حتى الثالثة من صبيحة يوم السبت 23 غشت الجاري، وظل ينتظرها جمهور غفير دون كلل أو ملل، أتى من مختلف مناطق المغرب وحج إلى تافراوت خصيصا لخوض تجربة ساحرة مع مجموعة فريدة من نوعها، أثرت التراث الفني الأمازيغي بالبلاد.
والمعروف أن الفنان الكبير عبد الله الفوا لا يحب الحديث مع الصحافة، يجيد الحديث فوق الخشبة فقط وهو يداعب بأنامله السحرية آلة البانجو، مرددا “ضيف الله” أو “إيغيلا الباز ريش” أو “أنيغ يا نيكيدر”..
استطاعت هاته المجموعة الفنية التي بدأت مسيرتها الفنية أواخر السبعينات في حي بنسركاو بمدينة أكادير، أن تجذب جمهورا واسعا طوال السنوات التي مضت.. مع أودادن ليس من الضروري أن تفهم “تشلحيت” كي تحبهم، يكفي أن تتماهى مع الإيقاعات الجميلة التي تدخلك في عوالم من الحب والرومانسية، وتطرب للصوت الصداح للفنان عبد الله ألفوا لتعزز الارتباط بالهوية، وليستمر الحب والارتباط بهاته المجموعة..
وقد تميز اختتام المهرجان يوم السبت 23 غشت، بحفل أحياه الفنان الشعبي عبد الله الداودي، الذي غنى باقة من أغانيه رافقتها رقصات شعبية لـ “الشيخات” اللواتي استحوذن على منصة أناروز. وقال الداودي في تصريح للصحافة عقب انتهاء حفله: “أنا جد سعيد بتواجدي وسط هذا الجمهور الرائع بمدينة تافراوت، ومن هذا المنبر أقدم شكري لمهرجان أناروز وجمعية شباب أفلا إغير للثقافة والتوعية على الدعوة الكريمة”.
كما عبر الداودي عن سعادته بحفاوة الاستقبال واصفا السوسسيين بالكرماء وأهل الجود، معتبرا أنه شعر بنفسه يغني وسط عائلته، مضيفا: “أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظن الجمهور الأمازيغي الذي يعشق الفن الشعبي”. كما تحدث الفنان الشعبي عن جديده الفني وهي أغنية تحمل عنوان “شكون اللي غالط أنا ولا نتي”.
هكذا إذن عاش سكان وزوار مدينة تافراوت أجواء من المتعة والفرجة طيلة أسبوع، تحول معها صهد الصيف إلى دفئ حميمي بين الجمهور وفنونه وهويته الحضارية الأمازيغية والعربية والإفريقية.. وافترق أصدقاء المهرجان وعشاق الفن و”الفراجة” على أمل اللقاء في الدورة التاسعة للعام المقبل..
تعليقات ( 0 )