الذكرى الثانية لليوم العالمي للأخوة الإنسانية محطة تثير الشكوك بسبب الإنتهاكات الحقوقية لأبوظبي
أحمد براو
– اعتماد الرابع من فبراير من كل سنة يوما عالميا للأخوة الإنسانية
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 ديسمبر 2020 قراراً بالإجماع يُعلن يوم الرابع من فبراير كل عام “يوماً دولياً للأخوة الإنسانية” ضمن مبادرة قادتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، حيث دعت فيه كافة الدول الأعضاء والمنظمات الدولية إلى الإحتفال سنويًا بهذا اليوم.
وفي تلك المناسبة قال الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش: “بينما نحتفل باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، دعونا نتعهد ببذل المزيد دوماً من أجل تعزيز قيم التسامح والتفاهم والحوار الثقافي والديني.”
وفي ذات الإطار أنشأت الأمم المتحدة برنامجي مقاربة النوع، الأول خاص بالشباب والثاني بالعنصر النسوي.
يهدف البرنامج الأول “الأخوة الإنسانية للتعليم والقيادة من أجل السلام” باعتباره حركة شبابية عالمية مكرّسة لتعزيز قيم وممارسات الأخوة الإنسانية إلى:
خلق منصة عالمية لتعزيز الأخوة الإنسانية، والتعايش السلمي، والحوار بين الأديان. وإعداد الجيل القادم من القادة وإرشادهم وحشدهم ليمثلوا صوت الأخوة الإنسانية والتغيير في مجتمعاتهم. وإطلاق حركة شبابية عالمية تمتلك أدوات التغيير الضروية والتصدي للتحديات التي تعيق تطبيق ممارسات الأخوة الإنسانية.
فيما يهدف البرنامج الثاني إلى إقامة مبادرات المرأة التي تنظمها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، للتوعية بكافة التحديات التي تواجه النساء، إلّا أنّ العقول النسائية الفذَّة المكرسَّة لإيجاد حلول لهذه القضايا تفوق هذه التحديات بكثير.
بحيث أنشأت في 8 مارس 2022 منتدى اللجنة العليا للأخوة الإنسانية للمرأة بعنوان “آمال المرأة وتحدياتها في عالم ما بعد جائحة فيروس كورونا وذلك احتفالًا باليوم العالمي للمرأة.
وبمناسبةالإحتفال بهذه الذكرى في هذه السنة دعا البابا فرنسيس الجمعة، إلى “التضامن جميعًا مع بعضنا البعض، لأنه ليس وقت اللامبالاة: فإما أن نكون أخوة أو ينهار كل شيء”.
وفي رسالة له عبر الفيديو بمناسبة اليوم العالمي الثاني للأخوة الإنسانية، الذي دعت إليه الأمم المتحدة لحث العالم على “التكاتف للاحتفال بوحدتنا في التنوع”، قال البابا إن “درب الأخوة طويل وصعب، لكنه بمثابة شريان الحياة بالنسبة للبشرية”، وفق ما نقلت وكالة آكي الإيطالية للأنباء .
– محتوى وثيقة الأخوة الإنسانية
“وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” التي وقع عليها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية. تؤكد على ما يلي:
أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك؛
أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.
أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها.
أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
أن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛
أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا؛
أن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛
أن الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها؛
أن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان؛
أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم.
– الإمارات تستغل إعلان وثيقة الأخوة لتبييض وتغطية سجلها الرهيب في مجال حقوق الإنسان
تعتبر الإمارات وكذلك مصر عرابتا هذا الإتفاق الذي جمع بين بابا الفاتكان وشيخ الأزهر في دبي سنة 2019 وهو ما يعتبره المراقبون محاولة من الدولتين استخدام اللقاء للإستغلال السياسي في حين تعتبر هاتين الدولتين من أبرز الدول التي لها سجل أسود قاتم في مجال حقوق الإنسان. فيما دعت أوساط حقوقية دولية إلى مقاطعة منتدى “الأخوة الإنسانية”.
وأكدت أوساط حقوقية أن المنتدى المذكور مجرد حيلة مفضوحة لتبييض جرائم أبوظبي وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. وتدين المنظمات الدولية الإمارات بانتهاكات خطيرة ترتكبها قوات أمن الدولة ضد المعارضين والنشطاء الذين تحدثوا عن قضايا حقوق الإنسان. وأبشع الانتهاكات كانت الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب. واعتقلت الإمارات وحاكمت مئات المحامين، والقضاة، والمدرسين، والناشطين.
وقد سبق أن أصدر البرلمان الأوروبي قرارا يدعو الدول الأعضاء إلى مقاطعة معرض إكسبو 2020 بدبي الذي أجل بسبب جائحة كورونا، والذي انطلق في أكتوبر من السنة الفارطة ويستمر إلى مارس من هذه السنة، كما دعا الشركات العالمية لسحب رعايتها، وذلك احتجاجا على سجل حقوق الإنسان في دولة الإمارات. وأكد البرلمان الأوروبي اتخاذه بقراره موقفا قويا ضد “الدكتاتوريين المتوحشين في دبي”، منتقدا السلطات الإماراتية بسلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك “الانتهاكات الواسعة النطاق ضد النساء، واستمرار استخدام التعذيب ضد المعتقلين واضطهادهم، وجرائم الحرب في اليمن”.
ً- “وزير الاغتصاب”
وندد ناشطون بأن الإمارات التي تروج لنفسها على أنها دولة تحترم حقوق المرأة، وتدعم مساواتها مع الرجل، يواجه قادتها اتهامات بانتهاك حقوق النساء، وبعضهم متورط في قضايا اغتصاب وتحرش. وصب ناشطون جام غضبهم على الوزير الإماراتي المتهم الشيخ نهيان، وواجهوه بسقطاته وذكروه بها، ونددوا باختياره وزيرا للتسامح وتوسطه للقاء الأخوة بين ممثل الفاتكان ومؤسسة الأزهر.
واستقبلت الإمارات الرئيس الإسرائيلي بعد إعلان التطبيع وإعادة العلاقات بين البلدين في توقيت يناقض وما عبّرت عنه الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) أنييس كالامار مبدية صدمتها إزاء ما وصفتها بأعمال القمع والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وذكرت كالامار في المؤتمر الصحفي أن الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين تنتهك القانون الدولي، وطالبت إسرائيل بوضع حد لنظام التمييز العنصري ضد الفلسطينيين.
ودعت المجتمع الدولي للتحرك أيضا ضد ما وصفتها بالجرائم الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
* باحث في علوم التربية بإيطاليا
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق