” السينما المغربية : سؤال الموسيقى التصويرية “
عبدالرحيم الشافعي
صحافي- باحث في الدراسات السينمائية
(( تكون موسيقى مسلسل وجع التراب أفضل دليل على ذلك،اسأل الجمهور و سيجيبك ))
ما محل قطاع السينما والتلفزيون المغربي، من تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام السينمائية، والتلفزيونية، والمسلسلات، والمسرحيات؟ هل هناك تأليف؟ أم هناك نسخ ولصق؟ إذا كان هناك انسجام فأين يتجلى هذا الانسجام؟ فإذا كان هناك ابتكار وخلق فأين يتجلى هذا الابتكار و الخلق ؟ و إلى أي حد يمكننا الحديث عن هذا النوع من الفن داخل الساحة السينمائية المغربية ؟
لكي تخلق الموسيقى التناغم يجب أن تدرس النشاز.
بلوتارخ
للموسيقى التصويرية اثأر هائلة سواء على المشهد السينمائي أو التلفزيوني أو المسرحي، فهي تغير رؤية التلقي لدا الجمهور، وتغير من أحاسيسه نحو اللقطات التي يشاهدها، وتعمق رؤيته لذاته داخل المشهد إن للموسيقى التصويرية خلفية موضوعية أساسية، وبعدا جماليا يدخل في صميم ماهيتها الفنية، فالمبدع الذي يضع موسيقى منسجمة ترافق المشهد في الدقة والتعبير، تجعل المتلقي يأخذ من كل منهما حقيقته ومعناه، بل إن الجمهور في اللحظة التي يتلقى مشهدا ترافقه موسيقى تصويرية مناسبة ومنسجمة كملحمة تيتانيك ، يغدوا ذوبا من تضايف عام وامتزاج كلي.
إن الموسيقى التصويرية للأفلام تضيف للمشهد السينمائي بعدا وجدانيا تمتزج فيه حاسة السمع بالبصر، وبالتالي تتدفق المشاعر فخلفية المشهد الموسيقية هي التي تصف المشاعر، وهذا يطلعنا على دينامياتنا النفسية عن طريق ديناميات التلقي، و يعتقنا من مركزية الذات و يؤهلنا للمواجدة ، أي القدرة على اتخاذ الإطار المرجعي للمشهد السينمائي بسهولة ويسر، ومشاركتنا في فهم مشاعر ووجدان الشخصيات المؤطرة للمشهد مشاركة حقيقية بين ما هو سمعي وما هو بصري،إذن فالموسيقى هي أقدر صنوف النشاط البشري تعبيرا عن التواصل بين الأفراد وبين الأجيال و بين الأمم، فماذا لو رافقت هذه الموسيقى مشهدا سينمائيا أو تلفزيونيا أو مسرحيا دراميا ؟
إن الموسيقى بوظيفتها الجمالية، التي أشار إليها الفيلسوف كانط بالإدراك الحسي التي تتأرجح بين الذوق والفن، نظرا للأبعاد الرياضية والكونية للتنظيم الإيقاعي والتناغمي، وحسب جماليات الموسيقى فقد كان الفلاسفة يميلون إلى التركيز على القضايا إلى جانب الجمال والتمتع وقدرة الموسيقى على التعبير عن المشاعر تجاه قضية محورية، و في السينما تكون الموسيقى التصويرية أو المرافقة للمشهد الأقرب إلى هذا التصور الفلسفي،باعتبار أن كل صورة تحمل في طياتها قضايا محورية فدراما و ملحمة الإنسان السينمائية تتمركز حول الصورة و الخلفية وتكون موسيقى مسلسل وجع التراب أفضل دليل على ذلك،اسأل الجمهور و سيجيبك.
” بدون موسيقى يبدو لي العالم فارغا.”
جاين أوستن
و في مقال نشرته صحيفة BBC NEWتحت عنوان Where are the new movie themes، فإذا كان المشهد سعيداً تجد أن الموسيقى التصويرية تتسم بالبهجة لتكون المعادل المسموع للمشهد ولإيصاله للمشاهد بشكل أفضل، والعكس صحيح بالنسبة للمشاهد الحزينة، وينطبق نفس المبدأ على المشاهد الحماسية ولعل أبرز موسيقى تصويرية جسدت الحماس هي موسيقى تصويرية فيلم روكي بأجزاءه من بطولة سيلفستر ستالون كما أن موسيقى أفلام الغرب الأمريكي و الكاوبوي كانت من أهم أسباب نجاح هذه الأفلام بل وكانت سبباً في شهرة بعض المنتجات التي أقتبست تلك الموسيقى للإعلان مثل مارلبورو والتي اقتبست موسيقى فيلم العظماء السبعة في إعلاناتها مما أدى لإضفاء صبغة الفيلم على سجائر مارلبورو وكأنها شريك في الحدث. كما أن موسيقى فيلم تايتانيك كانت من أسباب نجاح الفيلم كذلك. كما جسدت موسيقى فيلم رجل وامرأة (فيلم) (a man and a woman)العواطف والحب أصبحت رمزاً للرومانسية لفترة طويلة في جميع أنحاء العالم.
“اذا كنت لا تستطيع الرقص على نفس إيقاع الآخرين ، فربما كان ذلك لانك تسمع موسيقى أخرى .”
هنري ديفيد ثورو – فنان,كاتب,فيلسوف,شاعر (1817 – 1862)
فما محل قطاع السينما و التلفزيون المغربي من تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات والمسرحيات؟ هل هناك تأليف؟ أم هناك نسخ ولصق؟ إذا كان هناك انسجام فأين يتجلى هذا الانسجام ؟ فإذا كان هناك ابتكار وخلق فأين يتجلى هذا الابتكار والخلق؟ و إلى أي حد يمكننا الحديث عن هذا النوع من الفن داخل الساحة السينمائية؟
Share this content:
إرسال التعليق