مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
تشهد قضية الصحراء المغربية تحولاً نوعياً يضعها على أعتاب مرحلة حاسمة، حيث تتقاطع التحركات الدبلوماسية المغربية المتسارعة مع تغيرات جيوسياسية عالمية لافتة، في وقت يواصل فيه النظام الجزائري وجبهة البوليساريو التشبث بخطاب متجاوز لم يعد يجد صدى لدى القوى المؤثرة.
منذ أن قدمت المملكة مقترح الحكم الذاتي تحت سيادتها، أثبت هذا الخيار واقعيته ومصداقيته حتى أصبح يحظى بدعم متزايد من قوى كبرى، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا و أسبانيا… مع مؤشرات واضحة على انفتاح روسيا والصين على الموقف نفسه. وتؤكد التقارير الدبلوماسية أن عدد الدول المؤيدة لهذا المقترح في تزايد مستمر، مقابل تراجع متواصل في الاعتراف بما يسمى “الجمهورية الصحراوية” التي يزعم النظام الجزائري أنها ما تزال تحظى بتأييد دولي واسع.
في هذا السياق، كشفت مجلة Africa Intelligence عن تنسيق وثيق بين الرباط وباريس لإعادة تعريف دور بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، بهدف الدفع بقرار جديد في مجلس الأمن يعيد توجيه مهمة المينورسو من مراقبة وقف إطلاق النار إلى دعم حل سياسي عملي يستند إلى مبادرة الحكم الذاتي. هذه الحركية تعكس دينامية مغربية متصاعدة تقابلها عزلة متزايدة للطرح الجزائري الذي يصر على خيار الاستفتاء رغم استحالته الميدانية منذ عقود.
وعلى الأرض، تترجم المملكة رؤيتها من خلال استثمارات ضخمة ومشاريع تنموية في الأقاليم الجنوبية، تشمل البنية التحتية والطاقات المتجددة، إلى جانب المبادرة الملكية لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي التي لقيت ترحيباً واسعاً. هذه الإنجازات رسخت حضور السكان الصحراويين في المؤسسات الوطنية، وأكدت أن المغرب يتحدث بلغة التنمية والاستقرار لا بلغة الصراع.
في المقابل، يكتفي النظام الجزائري بدعم جبهة البوليساريو في معسكرات تفتقر لأبسط شروط العيش الكريم، ويواصل سياسات خارجية منغلقة جعلته عاجزاً عن لعب أي دور بنّاء. ومع اقتراب موعد اجتماع مجلس الأمن المقبل، تبدو كل المؤشرات متجهة نحو ترسيخ المقترح المغربي باعتباره الحل الوحيد الواقعي والقابل للتطبيق، فيما يزداد تراجع الخطاب الجزائري الذي يراهن على إطالة الأزمة بدل المساهمة في إنهائها.
إن هذا الزخم الدولي، إلى جانب التحركات المغربية المتواصلة، يجعل لحظة الحسم أقرب من أي وقت مضى، ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية لم يعد مجرد مقترح تفاوضي، بل خياراً واقعياً تدعمه الحقائق على الأرض وإرادة المجتمع الدولي الساعي إلى استقرار دائم في المنطقة.
تعليقات ( 0 )