جاري التحميل الآن

العنف ضد النساء: جائحة في الظل

 

عائشة ضمير 

أثار مقتل أربع نساء، في غضون شهرين متتابعين، الجدل حول العنف ضد المرأة، عنف قاسمه المشترك وجود رجل تربطه علاقة حميمية بالضحية.
أول هذه الضحايا كانت أحلام، التي ماتت متأثرة بحروق بليغة، على مستوى جسدها، أما الجاني فهو الزوج. الضحية الثانية كانت حفيظة، التي عاشت نفس السيناريو، ألم شديد، وتعفنات نتيجة حروق لم يصمد أمامها جسد حفيظة ففاضت الروح إلى بارئها. أما الثالثة فقد كانت ممرضة بإحدى المستشفيات، ذبحت في وضح النهار على يد شخص قيل أنها كانت على علاقة به. آخر هذه الضحايا هي لبنى، شابة في العشرينات من عمرها، وجدت جثتها محللة في أحد الآبار بمنطقة الهراويين بالدارالبيضاء.
لم تكن المدة الزمنية الفاصلة بين كل هذه الأحداث، سوى أسابيع، بل أياما قليلة، الأمر الذي أشعل فتيلة الغضب الشعبي داخل وخارج الوطن، حيث أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي، تنشر يوميا صورا وفيديوهات لجرائم بشعة، تشمئز منها النفوس، جرائم تشوه سمعة المغرب، وتزرع الرعب في نفوس الساكنة، بالرغم من أن البلد قطعت أشواطا عديدة في مجال المساواة بين الجنسين.
والملاحظ أن هذا العنف، تزداد حدته في الأماكن التي تعيش فيها المرأة، مستويات متدنية، حيث ينتشر الفقر، التهميش، البطالة، وتدني المستوى التعليمي للزوجين. أسباب أخرى، ترتبط بالنزعة الأنانية لدى الأفراد، حيث يعتبر الرجل نفسه السلطة الآمرة الناهية، التي تسمح له بتأديب المرأة وتطويعها كيفما شاء.
هناك أسباب أخرى ترتبط بالتنشئة الإجتماعية، مثل العيش وسط أسرة مفككة، هذا التفكك الذي ينتج عنه فشل على جميع المستويات، الأمر الذي يولد شخصية معقدة مركبة.

نجد أيضاً من بين الأسباب، اندحار القيم والأخلاق، التي تراجعت نتيجة غزو ثقافات دخيلة، تشجع الإنحلال الأخلاقي، وتشجع كل ماهو محظور، مثل ثقافة العنف والكراهية بدل التعايش والتسامح.
وبالرغم من كل هذا العنف الممارس ضد المرأة، تعزف الكثير من النساء، عن تقديم الشكاوي، فتستمر المعاناة في صمت دائم ومتواصل، خوفا من الفضيحة، أو خوفا من أن تحرمن من أطفالهن.
ولا ننسى أن العنف ضد المرأة، هو في حقيقته عنف ضد المجتمع ككل، حيث يمكن أن تنتقل هذه الآثار عبر الأجيال.
لابد للدولة إذن، أن تساند عائلات الضحايا، وتحاسب الجاني، وتتصدى لكل أشكال الإنتهاكات، التي تمس حياة المواطن ككل من قريب أو بعيد، وتتدخل كل فئات المجتمع لتسلط الضوء على هذا الموضوع، فالجثت أضحت تتساقط متسارعة، ومن يدري، ربما غدا تكون الضحية أختك، أو ابنتك، أو إحدى قريباتك.

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك