الندوة الوطنية حول المرأة العاملة في المغرب: مقاربة متعددة الأبعاد لتمكين النساء في سياقات متغيرة.

مع الحدث الرباط – متابعة عادل الحصار 

في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة لعام 2025، نظّمت منظمة المرأة العاملة و المقاولة بالمغرب ندوة وطنية رفيعة المستوى بقاعة علال الفاسي بالرباط، تحت شعار “الحقوق والمساواة و التمكين لكافة النساء و الفتيات”. شكلت هذه الندوة منصة للنقاش العلمي و التحليل النقدي لقضايا المرأة العاملة في المغرب، بمشاركة خبراء في مجالات الصحة، علم النفس، التمكين الذاتي، و السياسات العمومية، مما أضفى على الفعالية طابعًا أكاديميًا عميقًا يجمع بين البعد النظري و الممارسة الميدانية.

استُهلت الندوة بجلسة افتتاحية استعرضت فيها إيمان غانمي، رئيسة المنظمة، الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة في دعم حقوق النساء العاملات و تعزيز تكافؤ الفرص، مؤكدة على ضرورة إرساء سياسات عمومية منصفة تضمن حماية المرأة في سوق العمل. كما ألقى الأستاذ علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، مداخلة تحليلية تناولت الإشكالات البنيوية التي تواجهها النساء في المجال المهني، داعيًا إلى تبني مقاربة تشاركية تدمج الفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين في تحقيق المساواة الفعلية.

عرفت الجلسات العلمية للندوة مداخلات متخصصة قدّمت تحليلات معمّقة من زوايا متعددة:

البروفيسور آمال بورقية، أخصائية في أمراض الكلى و زراعة الأعضاء، (عبر السكايب) تناولت موضوع “صحة المرأة و التبرع بالأعضاء و زراعتها: الأبعاد الاجتماعية و الإنسانية”، حيث أبرزت أهمية تعميم ثقافة التبرع بالأعضاء في المغرب باعتبارها ممارسة تضامنية ذات أبعاد إنسانية عميقة، و دعت إلى سياسات تحفيزية لضمان استفادة أكبر للنساء من عمليات الزرع و العلاج.

الدكتورة آمال زنيبر، طبيبة متخصصة في أمراض الكلى، ناقشت “صحة المرأة كحق أساسي: صحة الكلى نموذجًا”، متوقفة عند ضرورة تعزيز الوعي الصحي لدى النساء، خاصة فيما يتعلق بالوقاية من أمراض الكلى، و دعت إلى سياسات صحية أكثر شمولية تسهّل الولوج إلى العلاجات الضرورية.

الدكتورة ليلى الزياني، خبيرة في علم النفس الإكلينيكي، قدّمت مداخلة بعنوان “الصحة النفسية للمرأة العاملة بين ضغوط المهنة و متطلبات التوازن الحياتي”، حيث ناقشت التأثيرات النفسية المرتبطة بتحديات العمل، مؤكدة على أهمية تبني استراتيجيات فردية و مؤسساتية لدعم الصحة النفسية للمرأة في بيئة العمل.

الدكتور علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، طرح إشكالية “الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية للمرأة العاملة: نحو منظومة عادلة ومستدامة”، حيث قدّم قراءة نقدية لواقع التغطية الصحية للنساء العاملات، مقترحًا توصيات لضمان عدالة في توزيع الموارد الصحية.

الدكتورة بشرى مبارك، مدربة معتمدة في التمكين الذاتي و التنويم المغناطيسي، قدمت مداخلة حول “قوة الطاقة الأنثوية: مفتاح التوازن و النجاح للمرأة العاملة”، حيث استعرضت أساليب علمية تساعد النساء على تحقيق توازن نفسي و ذهني يُمكّنهن من النجاح المهني و الشخصي.

الدكتور عبد الحكيم قرمان، رئيس منتدى الأطر والكفاءات، تناول موضوع “الكفاءات النسائية في المغرب: المكتسبات و التحديات الاقتصادية و الاجتماعية”، حيث حلّل مسارات تطور المرأة المغربية في مختلف المجالات، متطرقًا إلى العوامل المعيقة و الفرص المتاحة لتعزيز حضورها في المشهدين الاقتصادي و السياسي.

في ختام الجلسات، قامت المنظمة بتكريم المتدخلات تقديرًا لمساهماتهن العلمية و الفكرية، كما تم تكريم عدد من النساء الرائدات في مجالات متعددة، منها القطاع الصحي، الإعلام، الفن، العمل النقابي، الثقافة، و المجال المهني، وذلك اعترافًا بجهودهن الاستثنائية و إسهاماتهن الفاعلة في تطوير المجتمع المغربي.

و اختُتمت الندوة بحفل روحاني أحيته فرقة بنات الفردوس، التي قدّمت وصلات متميزة في السماع و المديح، حيث لقي أداؤها تجاوبًا واسعًا من الحضور، ما أضفى لمسة فنية راقية على هذا الحدث الأكاديمي و الثقافي.

لقد أثبتت هذه الندوة، من خلال مداخلاتها المتنوعة ونقاشاتها الرصينة، أن قضايا المرأة العاملة في المغرب تتطلب استراتيجيات شمولية تجمع بين المقاربات الحقوقية، الاقتصادية، و الاجتماعية، بما يضمن تمكينًا حقيقيًا للنساء في سوق الشغل، و يؤسس لمجتمع أكثر عدالة و إنصافًا.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)