هند بومديان
“الاعتداء على قائد بتمارة.. حين تتجرأ الفوضى على هيبة الدولة”
في مشهد صادم يكشف عن تراجع مقلق في احترام مؤسسات الدولة، تعرض قائد الملحقة الإدارية السابعة بتمارة لاعتداء داخل مكتبه وأمام أعين المواطنين، في تصرّف لا يمكن وصفه إلا بأنه تحدٍّ سافر للقانون وضرب لهيبة الدولة في الصميم. الواقعة أثارت موجة استنكار واسعة، وأسفرت عن إصدار النيابة العامة أمرًا باعتقال المعتدية وإحالتها على جلسة 26 مارس في حالة اعتقال، بتهمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولته لمهامه.
ما حدث في هذه الواقعة ليس مجرد تجاوز فردي، بل تطاول مباشر على سلطة الدولة، وفتح لباب الفوضى التي لا يمكن السكوت عنها. فمنذ متى أصبح الموظف العمومي، الذي يمثل الدولة ويسهر على تطبيق القانون، عرضة للضرب والإهانة أمام الجميع؟ هل أصبح العنف وسيلة مقبولة للتعبير عن الامتعاض أو الاعتراض؟
لا يمكن تبرير مثل هذه الأفعال بأي شكل من الأشكال، ومهما كانت الأسباب، فإن التعدي على رجل سلطة أثناء تأدية مهامه هو اعتداء على الدولة نفسها. إن دولة المؤسسات لا يمكن أن تسمح بأن تتحول الإدارات إلى ساحات صراع، حيث يحكم الأقوى ويفرض منطق العنف بدلًا من القانون.
إن إحالة المتهمة إلى المحكمة في حالة اعتقال هو إشارة واضحة على أن الدولة لن تتساهل مع من يحاول النيل من هيبتها. فرجال السلطة ليسوا معصومين من الخطأ، لكن هناك قنوات قانونية لمحاسبتهم في حال تجاوزوا صلاحياتهم، أما اللجوء إلى العنف فهو خيار الضعفاء والمتهورين، وهو أمر لن يُسمح بترسيخه كسلوك طبيعي داخل المجتمع.
إن احترام القانون هو الضمان الوحيد للحفاظ على الأمن والاستقرار، وأي محاولة لفرض منطق الفوضى يجب أن تواجه بالصرامة اللازمة، حتى لا نجد أنفسنا أمام واقع يُهان فيه ممثلو الدولة دون رادع، مما يؤدي إلى خلل خطير في التوازن الاجتماعي والسياسي.
حين يتجرأ مواطن على ضرب رجل سلطة، فهذه ليست مجرد حادثة معزولة، بل مؤشر على تنامي ثقافة التحدي للدولة وممثليها. اليوم قائد، وغدًا قاضٍ، وبعده شرطي.. إلى أين يمكن أن يصل هذا التسيّب إذا لم يتم التعامل معه بيد من حديد؟
إن الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة ليس ترفًا أو خيارًا سياسيًا، بل ضرورة لضمان استمرار الاستقرار. فرجال السلطة هم واجهة الدولة، وإهانتهم تعني إهانة لكل ما تمثّله الدولة من سيادة وتنظيم وهيبة
على الجميع أن يدرك أن الدولة لن تقف متفرجة أمام هذه التجاوزات، وأن من يعتقد أنه قادر على فرض منطقه بالقوة والعنف، سيجد أمامه سلطة القانون، التي لا تفرّق بين ضعيف وقوي، ولا بين مواطن ومسؤول.
ما حدث في تمارة ليس حادثًا عابرًا، بل ناقوس خطر يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة، حتى لا نصل إلى زمن يصبح فيه التطاول على ممثلي الدولة أمرًا عاديًا. الدولة قوية، والقانون سيظل فوق الجميع، ولن يسمح بترسيخ منطق الفوضى على حساب هيبتها.
تعليقات ( 0 )