Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة سياسة قانون

القانون المغربي من الاستقلال إلى ما بعد الدستور: مسار بناء دولة الحق والمؤسسات بين الأصالة والتحديث

منذ أن استعاد المغرب استقلاله سنة 1956، دخل في مرحلة جديدة من تاريخه، مرحلة بناء الدولة الحديثة على أسس قانونية ومؤسساتية متينة، فالقانون المغربي لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد لتاريخ طويل من التنظيمات والأنظمة العرفية والشرعية التي عرفها المغرب قبل الحماية، حيث كانت الشريعة الإسلامية والعرف المحلي هما المصدران الأساسيان للتشريع، إلى جانب الظهائر الشريفة التي يصدرها السلطان لتنظيم شؤون الدولة والمجتمع، وبعد الاستقلال بدأت عملية التوفيق بين هذه المرجعيات التقليدية وبين متطلبات الدولة الحديثة

قبل الاستقلال، كان المغرب يعيش تحت نظام الحماية الفرنسية والإسبانية، حيث فرضت سلطات الاستعمار منظومة قانونية مزدوجة: قوانين استعمارية موجهة لتسيير مصالح الإدارة الأجنبية، وقوانين محلية تُطبَّق على المغاربة في مجالات محدودة مثل الأحوال الشخصية والأوقاف، وكان الهدف من ذلك تقليص السيادة القانونية المغربية وإدماج البلاد في النظام القانوني الفرنسي، لكن رغم ذلك ظل القضاء الشرعي والأعراف القبلية قائمة، وهو ما ساعد المغرب بعد الاستقلال على إعادة بناء نظامه القانوني انطلاقاً من أصوله الخاصة

بعد الاستقلال سنة 1956، بدأ المغرب مرحلة تأسيسية حقيقية لإرساء دولة القانون، فتم إنشاء مؤسسات وطنية جديدة، وإصدار أولى القوانين الوطنية التي تعبر عن السيادة المغربية الكاملة، مثل ظهير توحيد القضاء سنة 1957 الذي أنهى النظام القضائي المزدوج بين الفرنسي والمغربي، وأعاد للمحاكم المغربية سلطتها على جميع المواطنين دون تمييز، كما صدر ظهير تنظيم وزارة العدل وقانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية لتنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن في مجال القضاء، وتم اعتماد مدونة الأحوال الشخصية سنة 1957 – 1958 التي نظمت قضايا الأسرة وفقاً للشريعة الإسلامية المالكية

وفي سنة 1962، عرف المغرب محطة تاريخية مهمة بإصدار أول دستور للمملكة المغربية، الذي وضع الأسس الدستورية لنظام الحكم الملكي الدستوري، ورسّخ مبدأ فصل السلط، وأكد على سيادة القانون واستقلال القضاء، كما نصّ على أن “الملك هو الضامن لاستقلال البلاد وحامي حمى الدين”، وهو ما أعطى طابعاً خاصاً للتجربة المغربية التي جمعت بين الأصالة والحداثة، بين المرجعية الإسلامية والشرعية الدستورية الحديثة

بعد دستور 1962، توالت سلسلة من الإصلاحات القانونية والدستورية، فأُعيد النظر في الدستور عدة مرات (1970، 1972، 1992، 1996) لتوسيع صلاحيات البرلمان والحكومة وإدخال إصلاحات مؤسساتية تواكب تطور المجتمع المغربي، وفي كل مرحلة كان القانون المغربي يزداد نضجاً وتنوعاً، فتم سن قوانين لتنظيم الجماعات المحلية، والوظيفة العمومية، والتعليم، والإدارة، والاقتصاد، كما صدر قانون الصحافة والنشر، وقانون الجمعيات الذي منح للمجتمع المدني مساحة للمشاركة في الحياة العامة

في التسعينات، دخل المغرب مرحلة جديدة عنوانها الإصلاح والدمقرطة، حيث برزت قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في قلب النقاش الوطني، فتمت مراجعة القوانين لتتلاءم مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وأُحدث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990 الذي تحول فيما بعد إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما جعل القانون المغربي أكثر انفتاحاً ومرونة في التعامل مع المفاهيم الحقوقية الحديثة

التحول الأكبر في التاريخ القانوني للمغرب جاء مع دستور 2011 الذي اعتُبر ثورة هادئة في مسار بناء الدولة الحديثة، فقد جاء هذا الدستور في سياق وطني وإقليمي خاص، استجابة للتطلعات الشعبية للإصلاح السياسي والديمقراطي، وأقرّ مجموعة من المبادئ الجديدة التي نقلت المغرب إلى مرحلة متقدمة من حكم القانون، حيث نصّ على أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة”، وجعل من حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً مرجعاً أساسياً للتشريع الوطني، كما أكد على فصل السلط واستقلال القضاء، وكرّس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والحكامة الجيدة

من بعد دستور 2011، دخل المغرب في مرحلة جديدة من تحديث المنظومة القانونية، حيث تم إصدار العديد من القوانين التنظيمية التي تفسر وتفعل مقتضيات الدستور، مثل قانون الجهة والجماعات الترابية الذي أسس لمفهوم الجهوية المتقدمة، وقانون الحق في الحصول على المعلومة، وقانون محاربة الرشوة، وقانون استقلال السلطة القضائية، إلى جانب القانون الجنائي الجديد الذي يسعى إلى تحقيق توازن بين الردع وحماية الحقوق الفردية، كما تم إصدار مدونة الأسرة الجديدة سنة 2004 بفضل التوجيهات الملكية السامية، والتي شكلت نقلة نوعية في مجال حقوق المرأة والطفل والمساواة داخل الأسرة

القانون المغربي اليوم أصبح منظومة متكاملة تجمع بين الأصالة الدينية والمرجعية القانونية الحديثة، فالشريعة الإسلامية ما زالت مصدراً أساسياً في الأحوال الشخصية، بينما تعتمد القوانين المدنية والتجارية والبيئية على المعايير الدولية والممارسات الحديثة، كما أصبح المغرب عضواً فاعلاً في المنظمات القانونية والحقوقية الدولية، وصادق على اتفاقيات كثيرة تخص البيئة وحقوق الإنسان ومحاربة الجريمة المنظمة

في الجانب البيئي، أُصدر القانون الإطار رقم 99-12 حول البيئة والتنمية المستدامة، والقانون رقم 36-15 المتعلق بالماء، وهي نصوص تؤكد أن القانون المغربي لم يعد يهتم فقط بالتنظيم البشري بل أيضاً بحماية الطبيعة والموارد، في انسجام مع رؤية ملكية تعتبر البيئة حقاً من حقوق الأجيال القادمة

باختصار، القانون المغربي من الاستقلال إلى ما بعد الدستور مرَّ بثلاث مراحل رئيسية:
الأولى مرحلة التأسيس (1956 – 1962) حيث تم بناء مؤسسات الدولة وتوحيد القضاء وإصدار القوانين الأساسية،
الثانية مرحلة الإصلاح والتقنين (1962 – 2011) التي شهدت تحديث المنظومة القانونية وتوسيع الحقوق والحريات،
والثالثة مرحلة التكريس والتنزيل (2011 – 2025) التي تقوم على ترسيخ دولة القانون وتفعيل المبادئ الدستورية في الواقع العملي

وهكذا، استطاع المغرب أن يبني خلال سبعين سنة منظومة قانونية متينة ومتطورة، تحافظ على هويته الإسلامية والوطنية، وتواكب في الوقت نفسه تطورات العصر ومتطلبات العدالة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل قيادة ملكية جعلت من الدستور والقانون أساساً للاستقرار والكرامة والتنمية المستدامة.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات قانون

فضيحة الدقيق المدعم تهز فاس مكناس: القضاء يغلق الحدود في وجه أرباب مطاحن متورطين في تلاعبات خطيرة

في تطور مثير هزّ قطاع صناعة الخبز بجهة فاس مكناس، أفادت مصادر موثوقة أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس أصدر، يوم الخميس 30 أكتوبر 2025، قراراً يقضي بإغلاق الحدود في وجه ثلاثة من أرباب المطاحن بعد الاشتباه في تورطهم في تلاعبات واسعة النطاق بملف الدقيق المدعم الموجه للفئات الهشة. القرار جاء عقب تحقيقات قضائية كشفت عن تحويل كميات كبيرة من هذه المادة الحيوية إلى مسارات غير قانونية، قصد تحقيق أرباح طائلة على حساب الدعم العمومي واحتياجات المواطنين الأكثر هشاشة.

المعطيات المتوفرة تشير إلى أن الدقيق المدعم، الذي يفترض أن يوجّه إلى الأسر محدودة الدخل، كان يُباع في السوق السوداء أو يُستخدم في تصنيع مواد غذائية تجارية، في خرق صريح للقوانين المنظمة للدعم. التحقيقات التي تباشرها السلطات الأمنية والقضائية أظهرت وجود تجاوزات خطيرة تورط فيها أصحاب مطاحن بعدة أقاليم داخل الجهة، مما استدعى تدخلاً عاجلاً من النيابة العامة لوقف نزيف الفساد الذي طال قطاعاً حيوياً يرتبط مباشرة بالأمن الغذائي للمواطنين.

وخلال عمليات ميدانية دقيقة، تمكنت عناصر الفرقة الولائية للشرطة القضائية بفاس من حجز نحو 115 طناً من الدقيق غير الصالح للاستهلاك البشري داخل معملين لصناعة المعجنات، أحدهما يقع بحي الدكارات والآخر بمنطقة راس الماء بإقليم مولاي يعقوب. وقد تم العثور على الكميات المحجوزة في ظروف تخزين وصفت بالكارثية وغير الصحية، ما أثار صدمة كبيرة لدى الرأي العام وأعاد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول فعالية الرقابة على المواد المدعمة.

وتؤكد المعطيات نفسها أن التحقيقات لا تزال متواصلة، وأن لائحة المتورطين مرشحة للاتساع لتشمل مسؤولين ومتعاملين آخرين يُشتبه في ضلوعهم ضمن شبكة منظمة تستغل الدعم العمومي لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وتأتي هذه القضية لتسلّط الضوء على هشاشة منظومة المراقبة في قطاع الدقيق المدعم، ولتدق ناقوس الخطر بشأن انعكاساتها المحتملة على الأمن الغذائي الوطني. كما تعكس في الآن ذاته إرادة قضائية حازمة في التصدي لكل أشكال التلاعب والفساد التي تمس قوت المواطنين وثقة المجتمع في مؤسسات الدولة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات قانون نازل

المحكمة تصدر أحكامها في أحداث “جيل زد” بوجدة

عرفت عدد من المدن المغربية خلال الأسابيع الماضية ما سُمّي باحتجاجات “جيل زد”، التي جاءت تعبيراً عن الغضب من واقع قطاعي التعليم والصحة.

ورغم انطلاقها في أجواء سلمية، فإن بعض الوقفات سرعان ما انحرفت عن مسارها، لتتحول في بعض المناطق إلى أعمال شغب وتخريب، خاصة بمدينة وجدة، حيث سُجلت حالات سرقة وإتلاف لممتلكات عامة وخاصة.

وقد تمكنت عناصر الشرطة القضائية من توقيف المتورطين وتقديمهم أمام العدالة. وبعد استكمال مسطرة التحقيق، أصدرت المحكمة بمدينة وجدة أحكامها في هذه القضية، وجاءت على الشكل التالي:

إدانة أربعة متهمين بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم لكل واحد منهم.

إدانة متهمين اثنين بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مماثلة.

إدانة ثلاثة آخرين بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1200 درهم.

كما صدرت أحكام موقوفة التنفيذ تراوحت بين شهرين وأربعة أشهر في حق متهمين آخرين.

فيما قضت المحكمة ببراءة 15 شخصاً بعد ثبوت عدم تورطهم في أعمال التخريب.

وتؤكد هذه الأحكام أن اللجوء إلى العنف والتخريب لا يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن المعاناة أو للمطالبة بالحقوق، بل إن الحوار المسؤول والالتزام بالسلمية يظلان السبيل الأنجع لبناء مجتمع يحترم القانون ويصون

كرامة الجميع.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات قانون نازل

حين يُباع الموت في قنينة معلبة بثمن درهم

في مدينة مكناس، شرب طفلٌ عصيرًا بدرهم واحد… فمات. جملة واحدة تختصر مأساة وطنٍ يتهاوى بين غياب الضمير وتقصير الجهة المسؤولة، وطنٍ باتت فيه الحياة تُقاس بسعر السوق لا بقداستها. درهم واحد فقط كان كافيًا ليكشف عفن شركة ترضى أن يُغشّ الغذاء، وتُترك الأرواح فريسة الإهمال.

 

ما حدث ليس حادثًا عرضيًا، بل جريمة صريحة مكتملة الأركان. جريمة قتلٍ باسم التجارة، وتواطؤٍ باسم الصمت، وتقاعسٍ باسم البيروقراطية. كيف يمكن لدولةٍ تحترم نفسها أن تسمح ببيع السموم على الأرصفة؟ أين هي أجهزة المراقبة؟ أين مكاتب الصحة بالبلديات؟ أين وزارات الصحة و اين حماية المستهلك؟ أم أن دماء الفقراء لا تُحدث ضجيجًا كافيًا ليثير تحرّك المسؤولين؟

 

حين يموت طفل لأن أحدهم قرر أن يغشّ، ولأن آخر اختار ألا يراقب، فنحن لا نعيش أزمة غذاء، بل أزمة أخلاق وعدالة. هذه ليست فاجعة طفل واحد، بل فاجعة وطنٍ بكامله. وطنٌ يعتاد الموت الرخيص ويبرر الكارثة بخطأ عابر، متناسيًا أن الأرواح لا تُقوَّم بالدرهم، وأن حياة طفلٍ واحد تساوي كل أرباح الأسواق.

 

كفى تبريرًا. كفى بياناتٍ ناعمة لا تُسمن ولا تُنقذ أحدًا. نحن بحاجة إلى قرارات حقيقية، لا وعودٍ تُدفن مع الضحايا. نريد قانونًا يُطبَّق بصرامة، ومحاسبة لا تعرف المجاملة. من غشّ يجب أن يُحاكم كمجرم، ومن قصّر في الرقابة يجب أن يُعزل بلا تردّد. فالصمت في مثل هذه الجرائم شراكة في القتل، والإهمال خيانة للأمانة.

 

آن الأوان لنعترف: نحن أمام انهيارٍ أخلاقي قبل أن يكون إداريًا. الرقابة غائبة، الضمير تائه، والمواطن البسيط وحده يدفع الثمن من قوته وصحته وحياته. لا نحتاج إلى حملات موسمية ولا صورٍ أمام الكاميرات، بل إلى ثورة في الضمائر، تبدأ من المصنع وتنتهي عند المستهلك.

 

ليكن موت هذا الطفل صرخة لا تُنسى، وجرس إنذارٍ لا يُسكَت. فالوطن الذي يسمح بأن يُقتل أطفاله بعصيرٍ فاسد، وطنٌ مريض في قيمه قبل مؤسساته. لا كرامة لوطنٍ يُفرّط في حياة أبنائه، ولا نهضة تُبنى على صمتٍ جبان.

 

حياة طفلٍ واحدٍ أغلى من كل الأرباح، وأقدس من كل الأعذار. ومن لم يفهم هذه الحقيقة بعد… فهو جزء من الجريمة.

Categories
قانون الواجهة

خنيفرة.. حكم قضائي يهزّ هدوء المؤسسات الدينية ويعيد سؤال الشفافية إلى الواجهة

في سابقة تُعد الأولى من نوعها بإقليم خنيفرة، أصدرت المحكمة الابتدائية، صباح الاثنين 27 أكتوبر الجاري، حكمًا يقضي بإدانة رئيس المجلس العلمي المحلي بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها خمسة آلاف درهم، إضافة إلى تعويض مدني للمشتكي بلغ ألفي درهم، وذلك على خلفية قضية تزوير نتائج اختبارات التأهيل للإمامة والخطابة والأذان التي فجّرت جدلاً واسعًا في الأوساط الدينية والحقوقية منذ أواخر سنة 2024.

القضية التي شغلت الرأي العام الديني والحقوقي لعدة أشهر، انطلقت شرارتها من تدوينة نشرها الأستاذ إدريس إدريسي، عضو المجلس العلمي المحلي، كشف فيها عن “خروقات وتلاعبات” طالت اختبارات التأهيل الديني، متهما رئيس المجلس وبعض الأعضاء بتغيير محاضر اللجان تحت ضغط “جهات نافذة”.

وخلال جلسات المحاكمة، استمعت الهيئة القضائية إلى مجموعة من الأعضاء دون أداء اليمين القانونية، لتقتنع بالأدلة التي وصفتها بـ“الدامغة”، من بينها تصريحات تفيد بتوقيع بعض الأعضاء على محاضر دون اطلاع، وتأخر إحالة النتائج على المجلس العلمي الأعلى ليومين بعد تاريخ الاختبارات، عقب رفض إدريس الإدريسي التوقيع عليها.

المفارقة في هذا الملف أن المشتكي نفسه كان قد وُضع في البداية موضع المتهم، بعد متابعته بتهم “إفشاء السر المهني” و“القذف العلني”، قبل أن تنقلب المعادلة إثر شكاية مباشرة قدمها ضد رئيس المجلس العلمي، مدعوماً من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تبنت الملف ودعت إلى تحقيق نزيه في “الاختلالات البنيوية” التي تعرفها بعض مؤسسات الشأن الديني.

الحكم القضائي جاء تتويجاً لمسار طويل من الوقفات الاحتجاجية والبيانات التضامنية التي صدرت عن فعاليات مدنية وحقوقية، طالبت بتكريس مبدأ المحاسبة داخل الهيئات الدينية، وبتحقيق العدالة الإدارية في تدبير امتحانات التأهيل الديني.

ويرى مراقبون أن هذا الحكم “يؤسس لسابقة قضائية” في مساءلة مسؤولين عن مؤسسة علمية رسمية، ويضع المؤسسات الدينية أمام ضرورة مراجعة آليات عملها وتعييناتها، بما ينسجم مع قيم الشفافية والنزاهة التي يفترض أن تجسدها في المجتمع.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة قانون

رئاسة النيابة العامة تطلق برنامجا تكوينيا وطنيا متخصصا في الجرائم المالية لتعزيز قدرات القضاة وضباط الشرطة القضائية

الرباط – الإثنين 27 أكتوبر 2025

بلاغ

 

في إطار جهود المملكة المغربية الرامية إلى تعزيز منظومة العدالة الجنائية وحماية المال العام، أعطت رئاسة النيابة العامة، صباح اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025، بمقرها بالرباط، الانطلاقة الرسمية للدورات التكوينية المتخصصة في الجرائم المالية، وذلك بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبحضور ممثلين عن المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي.

وترأس الجلسة الافتتاحية السيد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الذي أكد في كلمته أن حماية المال العام تعد من المهام الجسيمة التي تستوجب تعبئة تشريعية وقضائية ومؤسساتية شاملة، مبرزا أن الجرائم المالية لا تقتصر على خسائر مادية فحسب، بل تمتد لتقويض أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، مما يجعل مكافحتها ركيزة من ركائز الأمن الوطني.

وأوضح السيد رئيس النيابة العامة أن إطلاق هذا البرنامج التكويني يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله يؤكد من خلالها على ضرورة تأهيل العدالة والارتقاء بأدائها عبر التكوين الجيد والمستمر لكافة الفاعلين في القطاع القضائي.

ويمتد البرنامج وفق ما أوضحه السيد البلاوي، على مدى ثلاثة أشهر (أكتوبر، نونبر، ودجنبر 2025)، ويهدف إلى تعزيز القدرات القانونية والتقنية للقضاة وضباط الشرطة القضائية، وتمكينهم من أحدث الآليات والأساليب لمواكبة التطور المتسارع في أنماط الإجرام المالي، مشيرا إلى أنه تم اعتماد تقنية التناظر المرئي عن بُعد لتوسيع نطاق الاستفادة ليشمل مختلف محاكم المملكة.

وشدد السيد رئيس النيابة العامة على أن التكوين المستمر أصبح خيارا استراتيجيا لتقوية كفاءة الفاعلين في العدالة الجنائية، خاصة أمام تعقّد الملفات المرتبطة باختلاس وتبديد الأموال العامة، وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدا أن هذه الدورات من شأنها إرساء لغة مهنية مشتركة وتعزيز التنسيق الفعّال بين القضاة وضباط الشرطة القضائية وباقي المتدخلين في ميدان مكافحة الجرائم المالية.

وفي ختام كلمته عبّر السيد هشام البلاوي عن تقديره العميق للشركاء والخبراء المشاركين في تأطير هذا البرنامج، داعيا قضاة النيابة العامة إلى مضاعفة الجهود في التصدي لجرائم الفساد وحماية المال العام، ترسيخا لقيم النزاهة والشفافية التي تشكل أحد الثوابت الكبرى للدولة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة رياضة قانون

“لا دعم ولا شراكة بدون اعتماد قانوني”.. الجمعيات الرياضية تحت مجهر وزارة الداخلية

الرباط

 

في خطوة تنظيمية حاسمة تهدف إلى إعادة الانضباط إلى المشهد الرياضي المحلي، شرعت وزارة الداخلية، بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في تفعيل سلسلة من الإجراءات الصارمة الرامية إلى وضع حد لحالة الفوضى والعشوائية التي باتت تطبع واقع العديد من الجمعيات والمدارس الرياضية عبر مختلف جهات المملكة.

وأكدت مصادر مسؤولة أن السلطات المعنية وجّهت تعليمات واضحة إلى العمال والولاة بضرورة إلزام جميع الجمعيات والمدارس الرياضية بالحصول على اعتماد قانوني رسمي من وزارة التربية الوطنية والرياضة، باعتباره شرطًا أساسياً للاستفادة من البنيات التحتية العمومية أو تلقي أي دعم مالي من المجالس المنتخبة.

وشددت وزارة الداخلية في هذا الإطار على أن أي اتفاقية شراكة أو عملية صرف منح عمومية لن تُبرم بعد اليوم إلا بعد التحقق من الوضعية القانونية لهذه الكيانات.

🔹 نهاية زمن العشوائية وبداية عهد التقنين

تأتي هذه الإجراءات كجواب حازم على ظاهرة الانتشار غير المنظم لمدارس تكوين اللاعبين، التي تكاثرت في السنوات الأخيرة بشكل لافت، دون خضوعها لأدنى ضوابط قانونية أو معايير تأطير تربوي ورياضي.

وفي هذا السياق، أكدت المصالح الترابية للداخلية على ضرورة تسوية الوضعية القانونية لكل مؤسسة قبل السماح لها بمزاولة أي نشاط رياضي، في توجه يعكس إرادة الدولة في فرض الانضباط والقطع مع الممارسات العشوائية التي أساءت لصورة الرياضة الوطنية.

🔹 رقابة مشددة على المدارس ذات الطابع التجاري

أما المدارس الرياضية التي تشتغل بطابع تجاري وتتقاضى مقابلاً مادياً من أولياء الأمور، فقد تقرر إخضاعها لرقابة الإدارة التقنية الوطنية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بغية التأشير والمصادقة على برامجها التقنية وضمان احترامها للمعايير التربوية والمهنية، تفادياً لأي استغلال تجاري غير مشروع لطموحات الأطفال وأحلام أسرهم.

🔹 إصلاح شامل لمنظومة المنح والدعم العمومي

وفي سياق موازٍ تسعى وزارة الداخلية إلى تصحيح اختلالات عميقة تم رصدها في عملية تدبير منح الجمعيات الرياضية من طرف بعض الجماعات الترابية، حيث كشفت التقارير عن صرف دعم مالي لجمعيات غير معتمدة أو فاقدة للصفة القانونية، بل وفي بعض الحالات تم ذلك لأغراض انتخابية أو عبر اعتبارات شخصية.

وتؤكد الوزارة أن المرحلة المقبلة ستعرف تدقيقاً شاملاً في طرق توزيع الدعم وتوجيهه فقط نحو الجمعيات النشيطة والمهيكلة قانونياً، انسجاماً مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

🔹 نحو منظومة رياضية احترافية وشفافة

من خلال هذا التوجه الجديد، تعمل وزارة الداخلية، بتنسيق مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، على إرساء منظومة رياضية حديثة وشفافة قوامها المهنية، الحكامة الجيدة، وتكافؤ الفرص بين الفاعلين الرياضيين، مع إعادة الاعتبار للمدارس الجادة التي تُسهم فعلياً في تكوين وتأطير الأجيال الصاعدة.

🔹 رسالة الدولة: “الرياضة مسؤولية لا تجارة”

تؤكد هذه الإجراءات مجتمعة أن المرحلة المقبلة ستكون فاصلة بين من يشتغل في إطار القانون ومن يستغل شعار الرياضة لأغراض شخصية أو ربحية.

الرسالة واضحة وصريحة:

“من أراد دعماً أو شراكة أو فضاءً عمومياً، فعليه أن يكون قانونياً، خاضعاً للمراقبة، ملتزماً بالجودة والتأطير.”

بهذه الصرامة تُعيد الدولة ضبط المشهد الرياضي على أسس جديدة من الشفافية والمسؤولية، وتؤكد أن زمن الفوضى قد انتهى وأن المال العام لن يُصرف بعد اليوم خارج دائرة الشرعية والمحاسبة.

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة قانون

“زلزال تأديبي يهز الجسم القضائي.. المجلس الأعلى للسلطة القضائية يُصدر عقوبات في حق 35 قاضياً”

في خطوة تعكس تشدّد المؤسسة القضائية في مواجهة أي إخلال بواجبات المهنة، أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرارات تأديبية في حق 35 قاضياً بمختلف محاكم المملكة، وذلك على خلفية تقارير وخلاصات أبحاث دقيقة همّت عدداً من التجاوزات المنسوبة إليهم خلال ممارسة مهامهم القضائية.

وأكد المجلس، في بلاغ رسمي، أن القرارات جاءت بعد دراسة ملفات المعنيين بالأمر وفق مسطرة تضمن مبادئ المحاكمة العادلة واحترام حق الدفاع، حيث شملت العقوبات التوبيخ والإنذار والنقل من أجل المصلحة القضائية، بالإضافة إلى عزل عدد محدد من القضاة ممن ثبت في حقهم ارتكاب مخالفات جسيمة تمسّ شرف واستقلال ونزاهة القضاء.

وتأتي هذه القرارات بحسب مصادر مطلعة، في إطار سياسة صارمة تبناها المجلس في السنوات الأخيرة من أجل ترسيخ قيم الشفافية والمحاسبة داخل الجسم القضائي، وتكريس الثقة في العدالة باعتبارها ركيزة أساسية لدولة الحق والقانون. كما تعكس التوجه المتجدد نحو تطهير المحاكم من كل الممارسات التي يمكن أن تسيء لهيبة القضاء وصورة المغرب على الصعيدين الوطني والدولي.

ويرى متابعون للشأن القضائي أن هذه القرارات تحمل رسالة واضحة مفادها أن مرحلة التساهل انتهت، وأن المؤسسة القضائية ماضية في نهج “الصرامة مقابل الاستحقاق”، ما من شأنه أن يعزز ثقة المواطن في العدالة، ويدعم الأوراش الإصلاحية التي يشرف عليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وأعلن المجلس أنه سيواصل تتبع جميع الشكايات والتقارير المرتبطة بسلوك القضاة، مع التشديد على أن الهدف ليس فقط معاقبة المخالفين، بل إرساء ثقافة قضائية جديدة تقوم على النزاهة والمسؤولية واحترام أخلاقيات المهنة.

خطوة وُصفت بـ”التاريخية” من طرف المراقبين، تُبرز أن الرقابة الذاتية داخل سلطة القضاء أصبحت واقعا ملموساً، وأن حماية استقلال القضاء لا تنفصل عن محاسبة كل من يسيء إليه من الداخل.

 

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة قانون

زلزال المحاسبة.. السيدة زينب العدوي تفجّر مفاجأة بإحالة 55 ملف فساد ثقيل على النيابة العامة

في خطوة تعكس تشديد الرقابة وتعزيز آليات المحاسبة، كشفت السيدة زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، عن إحالة 55 ملفاً يتعلق بشبهات فساد واختلالات مالية إلى رئاسة النيابة العامة، لما تتضمنه من أفعال يُرجّح أن ترقى إلى جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي.

وأوضحت العدوي خلال عرضها لأحدث خلاصات تقارير المجلس، أن الملفات المحالة تتعلق بمسؤولين ومؤسسات وهيئات عمومية، سجلت بشأنها خروقات تمس المال العام وسوء التدبير وتضارب المصالح، ما استدعى إحالتها على القضاء قصد اتخاذ الإجراءات الزجرية اللازمة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.

كما شددت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات على أن هذه الخطوة تأتي في سياق تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب وتحصين المال العام من ممارسات تمس الثقة في المؤسسات، مبرزة أن تقارير المجلس لم تعد مجرد توصيات، بل أصبحت آلية فعلية لإحالة المخالفين على القضاء كلما تطلب الأمر ذلك.

وتعكس هذه الإحالات حجم الجدية التي بات ينهجها المجلس الأعلى للحسابات في مواجهة الفساد، في وقت ترتفع فيه المطالب الشعبية بإعمال القانون دون تمييز، وتعزيز الشفافية في تدبير الشأن العام، خصوصاً داخل الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.

وتسود ترقبات واسعة حول الأسماء والقطاعات المعنية بهذه الملفات الثقيلة، في انتظار ما ستسفر عنه مساطر البحث والتحقيق، وسط تأكيدات بأن المرحلة المقبلة قد تشهد قرارات قضائية قوية تعيد ترتيب المشهد داخل عدد من المؤسسات وتبعث رسائل واضحة بأن زمن التساهل مع تبديد المال العام قد انتهى.

وتعتبر هذه الإحالات الـ55 واحدة من أبرز محطات “زلزال المحاسبة” الذي تعرفه المملكة، في إطار الدينامية الإصلاحية الرامية إلى تخليق الحياة العامة وترسيخ دولة الحق والقانون.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة خارج الحدود سياسة قانون

نيكولا ساركوزي يدخل السجن بتهمة التآمر الليبي! و بهذا يكون أول رئيس فرنسي يسجن بعد الحرب العالمية الثانية

في مشهد غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الفرنسية الحديثة، بدأ الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، اليوم الثلاثاء، قضاء عقوبة السجن لمدة خمس سنوات داخل سجن “لاسانتي” الشهير بباريس، بعد إدانته بتهمة التآمر لجمع أموال غير مشروعة من النظام الليبي لتمويل حملته الرئاسية عام 2007.

بهذا الحكم يدخل ساركوزي صفحات التاريخ من أوسع أبوابها، ليس كرئيس سابق للجمهورية فحسب، بل كأول زعيم فرنسي يُزج به في السجن منذ الحرب العالمية الثانية، وتحديدا منذ محاكمة المارشال فيليب بيتان الذي أدين بتهمة التعاون مع النظام النازي.

القضية التي شغلت الرأي العام الفرنسي والعالمي لسنوات، تفجّرت عقب تسريبات وأدلة كشفت عن تحويلات مالية غامضة من نظام العقيد معمر القذافي إلى مقربين من ساركوزي، يُعتقد أنها ساهمت في تمويل حملته الانتخابية التي أوصلته إلى قصر الإليزيه سنة 2007.

ورغم أن القضاء الفرنسي أدانه بالتآمر مع مساعدين له لتدبير المخطط، فقد برّأه من تلقي الأموال بشكل مباشر أو استخدامها لأغراض شخصية. لكن المحكمة اعتبرت أن مجرد مشاركته في التخطيط شكّل “إخلالاً خطيراً بالنظام العام”، ما استوجب تنفيذ العقوبة فوراً دون انتظار نتيجة الاستئناف.

ساركوزي الذي لا يزال متمسكاً ببراءته، وصف القضية بأنها “محاكمة سياسية” تهدف إلى النيل من سمعته، مؤكداً أن خصومه “لم يغفروا له نجاحه في قلب المشهد السياسي الفرنسي”. ومع ذلك، وجد نفسه اليوم وراء القضبان، في سابقة هزّت ثقة الفرنسيين في رموز جمهوريتهم الخامسة.

القضية التي طالت دوائر سياسية ودبلوماسية واسعة، أعادت إلى الأذهان الصلات المعقدة بين باريس وطرابلس قبل سقوط نظام القذافي عام 2011، حيث كانت فرنسا في طليعة الدول التي قادت الحملة العسكرية ضد ليبيا تحت راية حلف “الناتو”.

ويرى محللون أن هذه الإدانة تفتح فصلاً جديداً من المحاسبة السياسية في فرنسا، وتجعل من نيكولا ساركوزي رمزاً لانكسار جيلٍ من الزعماء الذين ظنّوا أن السلطة تمنحهم حصانةً أبدية.