في تطور مثير هزّ قطاع صناعة الخبز بجهة فاس مكناس، أفادت مصادر موثوقة أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس أصدر، يوم الخميس 30 أكتوبر 2025، قراراً يقضي بإغلاق الحدود في وجه ثلاثة من أرباب المطاحن بعد الاشتباه في تورطهم في تلاعبات واسعة النطاق بملف الدقيق المدعم الموجه للفئات الهشة. القرار جاء عقب تحقيقات قضائية كشفت عن تحويل كميات كبيرة من هذه المادة الحيوية إلى مسارات غير قانونية، قصد تحقيق أرباح طائلة على حساب الدعم العمومي واحتياجات المواطنين الأكثر هشاشة.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن الدقيق المدعم، الذي يفترض أن يوجّه إلى الأسر محدودة الدخل، كان يُباع في السوق السوداء أو يُستخدم في تصنيع مواد غذائية تجارية، في خرق صريح للقوانين المنظمة للدعم. التحقيقات التي تباشرها السلطات الأمنية والقضائية أظهرت وجود تجاوزات خطيرة تورط فيها أصحاب مطاحن بعدة أقاليم داخل الجهة، مما استدعى تدخلاً عاجلاً من النيابة العامة لوقف نزيف الفساد الذي طال قطاعاً حيوياً يرتبط مباشرة بالأمن الغذائي للمواطنين.
وخلال عمليات ميدانية دقيقة، تمكنت عناصر الفرقة الولائية للشرطة القضائية بفاس من حجز نحو 115 طناً من الدقيق غير الصالح للاستهلاك البشري داخل معملين لصناعة المعجنات، أحدهما يقع بحي الدكارات والآخر بمنطقة راس الماء بإقليم مولاي يعقوب. وقد تم العثور على الكميات المحجوزة في ظروف تخزين وصفت بالكارثية وغير الصحية، ما أثار صدمة كبيرة لدى الرأي العام وأعاد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول فعالية الرقابة على المواد المدعمة.
وتؤكد المعطيات نفسها أن التحقيقات لا تزال متواصلة، وأن لائحة المتورطين مرشحة للاتساع لتشمل مسؤولين ومتعاملين آخرين يُشتبه في ضلوعهم ضمن شبكة منظمة تستغل الدعم العمومي لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وتأتي هذه القضية لتسلّط الضوء على هشاشة منظومة المراقبة في قطاع الدقيق المدعم، ولتدق ناقوس الخطر بشأن انعكاساتها المحتملة على الأمن الغذائي الوطني. كما تعكس في الآن ذاته إرادة قضائية حازمة في التصدي لكل أشكال التلاعب والفساد التي تمس قوت المواطنين وثقة المجتمع في مؤسسات الدولة.


Comments
0