بقلم : يوسف باجا ( طالب علم النفس الاكلنيكي)
جميع الأسر تعاني من حين لآخر من المشاكل والمشاحنات بين الزوجين. ومن الصعب إخفاء هذه المشاحنات عن الأبناء وعادة ما يلتقط الأبناء هذه الخلافات حتى وان لم تحدث على مرأى منهم. وللأسف فهذه المشاحنات تؤثر تأثيراً سلبياً شديداً على أكثر الأطفال، وقد يمتد هذا التأثير ويستمر مع الطفل في حياته المستقبلية.
مشاكل نفسية
عندما تكون النزاعات شائعة في المنزل، سواء كان ذل ما بين الزوجين، أو بين الأهل والأبناء أو مزيج من النوعين، فكثيرا ما يصاب الأطفال بالمشاكل النفسية.
المعارك الكلامية المستمرة التي تصل إلى الازدراء والتحقير وليس فقط الصراخ، تضع الأطفال في خطر متزايد للإصابة بالمشاكل الاجتماعية والنفسية، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، والعدوان، وانخفاض تقدير الذات وصعوبة الاندماج مع أقرانهم.
انعدام شعور الأطفال بالأمان العاطفي تحد النزاعات المستمرة بين الآباء والأمهات من شعور الأطفال بالأمن حول استقرار الأسرة، لأنهم يتخوفون دائمًا من إمكانية وقوع الطلاق بين الوالدين، كما أنهم يفتقدون الشعور بالحياة الطبيعية بسبب كثرة نشوب الخلافات في المنزل
كثرة الخلافات والمشاكل العائليّة والأسريّة، ينعكسُ بشكلٍ سيئ على نفسيّة الطفل، وقدرتهِ على النمو العقلي بطريقةٍ سليمة، وهذا ما يخلق بعض العقد النفسيّة في شخصيتهِ، وقيامهِ ببعض التصرفات الغريبة، والعنيفة، بالإضافة لإصابتهِ بمشكلة الاكتئاب النفسي، القلق، والانعزال الاجتماعي
إنّ الطفل الذي يعيش في بيئة مضطربة ومليئة بالمشاكل والخلافات يتعرضُ مع الأيّام لمشاعر التوتر والاضطراب العاطفي، الذي يظهر على شكل بعض التصرفات الغريبة التي يقوم بها الطفل، كنوبات الغضب والصراخ، التبول اللاإرداي، وإذاء النفس.
نوبات التوتر والقلق
قد يعتقد البالغون أن الأطفال لا يصابون بالتوتر والضغط النفسي. ولكن عندما ينشأ الأطفال في بيئة جدلية محاطة بالمشاكل بين الأبوين فإنه من الممكن أن يصاب بحالة من الاضطراب العاطفي. وتبدأ العديد من الأسئلة بالتلاعب بعقل الطفل حول إذا ما كان والداه يحبّانه أو إن كانا سينفصلان وماذا سيكون مصيرهم؟
تختلف أعراض الاضطراب العاطفي عند الأطفال فالبعض قد يلجأ الى إيذاء نفسه، والبعض الأخر يتحول الى شخصية عنيفة بينما يُظهر بعض الأطفال علامات القلق المفرط مثل قلة الانتباه أو الإصابة بنوبات الغضب أكثر من أقرانهم
مع الخلافات، تتزايد لدى الطفل فرص التعامل بعدوانية مع الآخرين، وقد يواجه صعوبة في الحفاظ على علاقات صحية مع المحيطين به .
تأخر الأداء المدرسي
التوتر العاطفي الذي يصاب به الأطفال نتيجة المشاكل بين أبويهم يجعل الأطفال مشتتين الانتباه نتيجة تفكيرهم في تبعيات المشاكل الموجودة بالمنزل. وتظهر الدراسات التي أجريت على العديد من الأطفال الذين يعاني أبويهم من المشاكل المستمرة، انخفاض درجات اختبارات القراءة والرياضيات، وارتفاع مستويات المشاكل التأديبية، بالإضافة الى مشاكل في الادراك بما في ذلك تباطؤ الوظائف الادراكية وانخفاض مهارات حل المشاكل
الشجار قد يُضعف تحصيله الدراسي والمعرفي، كما أن هؤلاء الأطفال يكون لديهم صعوبة أكبر في تنظيم انتباههم وعواطفهم، وفي سرعة حل المشكلات.
تؤثرُالخلافات العائليّة بقدرة الطفل على التركيز وتجعلهُ يُصاب بالتشتت الذهني والضياع، وهذا ما ينعكسُ سلبًا بقدرتهِ على تحقيق التفوق والنجاح الدارسي
عندما تضطرك الظروف للشجار مع زوجك في وجود أبنائك فاجعلي ذلك فرصة لإظهار كيفية التواصل الصحيح لأطفالك. يمكنك أن تكون نموذجا يحتذى به من خلال طريقة النقاش وذلك بالبقاء هادئة، التحدث باحترام، والتعامل مع المشكلة واستكمال النقاش بصورة حضارية، والاعتذار إذا اتضح أنك المخطئة. وينطبق هذا الكلام على الزوج أيضاً لإعطاء الأطفال قدوة حسنة حتى أثناء اختلاف الأراء أو الجدال.
Share this content:
إرسال التعليق