مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه المنعمين، أصدر جلالته عفوه السامي عن 19.673 من المحكوم عليهم من مختلف محاكم المملكة. وهو عفو يجسد، مرة أخرى، البعد الإنساني العميق الذي يطبع القيادة الملكية، والحرص الموصول على تعزيز قيم الرحمة والتسامح والإدماج داخل المجتمع المغربي.
ويُعد هذا الرقم من بين الأعلى في تاريخ العفو الملكي، مما يعكس دلالة رمزية قوية، مفادها أن المغرب يولي أهمية قصوى لإعادة تأهيل الأفراد، وإعطائهم فرصة ثانية لتصحيح أخطائهم والمساهمة من جديد في تنمية المجتمع.
معظم المستفيدين من هذا العفو، بحسب المعطيات الرسمية، أبانوا عن حسن السلوك والانضباط داخل المؤسسات السجنية، واستفادوا من برامج التأهيل والتكوين المهني، ما يعكس استعدادهم الحقيقي للاندماج في الحياة الاجتماعية والمهنية بشكل إيجابي.
وفي تصريحات مؤثرة، عبّر عدد من المستفيدين من العفو عن امتنانهم الكبير لجلالة الملك، معتبرين أن هذه الالتفاتة ليست فقط قرارًا بالعفو، بل هي رسالة قوية تحمل الأمل، وتمنحهم فرصة لتصحيح المسار والعودة إلى المجتمع برغبة صادقة في التغيير والمصالحة مع الذات.
ويُذكر أن العفو الملكي يشكّل جزءًا من رؤية شمولية لإصلاح منظومة العدالة والسجون، حيث يتم العمل على تعزيز البرامج التأهيلية، والتكوين في الحِرَف والمهن المطلوبة في سوق الشغل، ما يُمكّن السجين من الخروج بمهارات وخبرات تؤهله للاندماج السلس بعد الإفراج.
وفي هذا السياق، يبقى دور المجتمع أساسيًا في دعم هؤلاء العائدين من المؤسسات السجنية، من خلال منحهم الثقة والفرصة، وتجاوز النظرة السلبية التي قد تعيق اندماجهم، إذ لا يمكن لأي سياسة إدماج أن تنجح دون بيئة اجتماعية متفهمة ومساندة.
إن العفو الملكي في هذه الذكرى الغالية، لا يُمثل فقط صفحة جديدة في حياة آلاف المغاربة، بل هو تعبير حيّ عن عدالة قائمة على الرحمة، وإصلاح يُفضّل التهذيب على العقاب، ويضع الإنسان في صلب البناء المجتمعي.
تعليقات ( 0 )