بين هوية معلنة واسم مستعار… حين يتحدث القلم بوجهين - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

بين هوية معلنة واسم مستعار… حين يتحدث القلم بوجهين

IMG-20251030-WA0034

في عالم الكتابة الرقمية، لم يعد القلم مجرّد أداة للتعبير، بل أصبح مرآة تعكس هوية الكاتب، ووسيلة تكشف عن شخصه أو تخفيه خلف ستارٍ من الغموض. وبين من يدوّن باسمه الحقيقي وصورته المعروفة، ومن يختار التواري خلف اسمٍ مستعار وصورة رمزية، يمتدّ فضاءٌ واسع من الفوارق النفسية والفكرية والاجتماعية، تستحق التأمل والحديث.

 

الكتابة بهوية حقيقية تشبه الوقوف على منصةٍ مضاءة؛ حيث كل كلمة تنطلق منك تُقاس بميزان الوعي والمسؤولية. أنت حينها لا تكتب فقط لتعبّر، بل لتُمثّل نفسك، بيئتك، وربما فكرك بأكمله. إنك تضع بصمتك في العلن، وتقول للعالم: ها أنا ذا، هذه أفكاري، وهذا وجهي الذي يواجهكم بها. في تلك اللحظة، يصبح الحرف مسؤولية، ويغدو الصدق شرطًا أساسًا لأي كلمة تُقال.

 

أما حين تختار الكتابة خلف اسمٍ مستعار، فأنت تمنح نفسك فسحة من الحرية قد لا يتيحها الظهور العلني. تتحدث بلا قيود، تعبّر دون خوفٍ من ردود الفعل، وتغوص أعمق في أعماق الذات دون حسابٍ لمجتمعٍ يراقب أو بيئةٍ تحاكم. لكن هذه الحرية ليست دائمًا نقية؛ فحين يغيب الاسم، قد يغيب معه الانتماء، وحين تغيب الملامح، قد تبهت ملامح الصدق أيضًا.

 

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن التخفي أحيانًا ضرورة، لا خيارًا. هناك من يكتب من خلف الأقنعة ليحمي نفسه من مجتمعٍ لا يتسامح مع الرأي المختلف، أو ليعبّر عن قضايا لا تجد منبرًا آمنًا في العلن. في تلك الحالات، يصبح الاسم المستعار صوتًا شجاعًا، لا قناعًا جبانًا.

 

في النهاية، ليست القضية في الصورة أو الاسم، بل في النية التي تقف خلف الكلمة. فالكاتب الحقيقي هو من يكتب ليُضيف، لا ليُخفي، من يسعى للتأثير لا للتهجم، من يجعل من الحرف رسالةً لا وسيلة هروب.

 

تذكّر دائمًا: الكتابة مسؤولية قبل أن تكون موهبة، وشرف قبل أن تكون شهرة. سواء كتبت باسمك الحقيقي أو المستعار، اجعل كلماتك تليق بك… وتليق بالضمير الذي يوجّهها.

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث