خراف وذئاب في نفس الغابة

 

 

 

يوسف حسون

اعتاد الراعي بتلطيف رعيته و ما مر يوم الا و جلس بتلميع عينيه بتسمين خرافه حتى يشهدوا له بحسن الاخلاق و القتال من اجل مصلحة عيشهم و الراحة التي تسمو بين هدوء الطبيعة و خوفهم من طمع البشر .
اكتنى الراعي اللقب و سار بين الخراف مشهورا بطيبوبته و ما الخراف الا ذو نية حسنة همهم لقمة عيش هنية سوية و راحة تطفو بهم فوق سحب الهناء و لا الشك ينال منهم من صاحب كان لهم يد عون و ما يدري العقل ما تحمله القلوب أحيانا و لا القلب يراوده إحساس التفكير بالخيانة .
زهد الصاحب النبيل كثرت الخراف و زادت الأصوات تعلو حبا فيه و لم يعد يستطيع الراعي تحمل كل شيء لوحده .فصادق الذئاب و تقاسموا الخراف على حسب المهام راعي يرعى و ذئب يفترس على حسب الحاجة و الدور .
خراف تظن ان كل الرعاة حسنة الخلق و ذئاب تعلم ان كل شيء تفوح منه رائحة الغدر يصلح للخيانة. و في حين الخراف تنتظر مكافاة الراعي على اتباعها . تغير كل شيء فعاد للراعي رعية أخرى يعتني بتسمينها و ترك الذئاب تترنح على صدق نيتهم فما كان للخروف الحكيم الا ان يتكلم بصوت الخراف على سوء ما أصبحت عليه الرعية الا ان ناولوه قصيدة الزهد على غرار صديقه الراعي فنسي الحكيم حكمه و غض بصره عن من منحوه الحق بالتحدث باسمهم فما كان رده عليهم سوى ان الأمور بخير و كل شيء سيتم إصلاحه و ادخل الراعي الصديق في القصة ليغتال حبهم البئيس له . فصدقوه و عادت الحياة في الغابة و هذه المرة تحاول ان تكون بخير رغما عنها .
مرت السنوات و الذئاب ترمي فتات ما تبقى لهم من اكل لم الرعاة على طاولة غدر من وثقوا فيهم الى الخراف البائسة . و لم يعد هناك صبر فقد قلت الخراف غضبا و تفتت و انحرفت في طرق عدة لا يجاد راع يفهم مصالحهم الهشة البسيطة .
و بعد خمس سنوات عجاف اتى الخبر الذي ظنت الخراف انه السعيد فعلموا ان الراعي الصديق عاد اليهم من بعيد و معه رسالة اشتياق لخرافه التي جعلت منه الرجل الزهيد بين كل الرعاة . فاجتمعت الخراف و”بمأمأة ” واحدة تخاطب الصديق الراعي .
شعر بحزنهم و فهم قلقهم فرد عليهم بأسطوانة الخروف الحكيم. اليوم عدت و كل شيء سيكون بخير . اتى يوم قبل الخير فمنحهم اسطبلا أراد ان يضع كل خروف مأمأته ليعلم حبه له . و مرة أخرى الخراف صدقت و عن حب تبجلت له وهو في سرور ناولهم القليل قبلا و البعض منهم نال و من تبقى تألم و الحكيم فيهم سار ذئبا أيضا . و ما ان حمل الأصوات في حقيبته رد قائلا شكرا لحبكم يا خراف و الوعد قد تأجل لكني انا الراعي الصديق ما زلت عند الوعد بعد سنين سأعود و الدليل تركت بينكم الحكيم يسرد عليكم قصة الصبر و الذئاب ترعاكم بجد لحين وليمة الغد القريب . ولا حلم لكم تحقق ولا شكل الغابة تغير و لا الذئاب بينكم تشبع .

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث.

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed